(وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ (٦٤) فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) (٦٥)
____________________________________
تزيدوننى بما تقولون غير أن أنسبكم إلى الخسران وأقول لكم إنكم لخاسرون فالزيادة على معناه والفاء لترتيب عدم الزيادة على انتفاء الناصر المفهوم من إنكاره على تقدير العصيان مع تحقق ما ينفيه من كونه عليه الصلاة والسلام على بينة من ربه وإيتائه النبوة (وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ) الإضافة للتشريف والتنبيه* على أنها مفارقة لسائر ما يجانسها من حيث الخلقة ومن حيث الخلق (لَكُمْ آيَةً) معجزة دالة على صدق نبوتى وهى حال من (ناقَةُ اللهِ) والعامل ما فى هذه من معنى الفعل ولكم حال من آية متقدمة عليها لكونها نكرة ولو تأخرت لكانت صفة لها ويجوز أن يكون (ناقَةُ اللهِ) بدلا من (هذِهِ) أو عطف بيان و (لَكُمْ) خبرا* وعاملا فى آية (فَذَرُوها) خلوها وشأنها (تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) ترع نباتها وتشرب ماءها وإضافة الأرض إلى الله تعالى لتربية استحقاقها لذلك وتعليل الأمر بتركها وشأنها (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) بولغ فى النهى عن التعرض لها بما يضرها حيث نهى عن المس الذى هو من مبادى الإصابة ونكر السوء أى لا تضربوها* ولا تطردوها ولا تقربوها بشىء من السوء فضلا عن عقرها وقتلها (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ) أى قريب النزول. روى أنهم طلبوا منه أن يخرج من صخرة تسمى الكاثبة ناقة عشراء مخترجة جوفاء وبراء وقالوا إن فعلت ذلك صدقناك فأخذ صالح عليه الصلاة والسلام عليهم مواثيقهم لئن فعلت ذلك لتؤمنن فقالوا نعم فصلى ودعا ربه فتمخضت الصخرة تمخض النتوج بولدها فانصدعت عن ناقة عشراء كما وصفوا وهم ينظرون ثم أنتجت ولدا مثلها فى العظم فآمن به جندع بن عمرو فى جماعة ومنع الباقين من الإيمان دواب ابن عمرو والحباب صاحب أو ثانهم ورباب كاهنهم فمكثت الناقة مع ولدها ترعى الشجر وترد الماء غبا فما ترفع رأسها من البئر حتى تشرب كل ما فيها ثم تتفحج فيحلبون ما شاءوا حتى تمتلىء أوانيهم فيشربون ويدخرون وكانت تصيف بظهر الوادى فتهرب منها أنعامهم إلى بطنه وتشتو ببطنه فتهرب مواشيهم إلى ظهره فشق عليهم ذلك (فَعَقَرُوها) قيل زينت عقرها لهم عنيزة أم غنم وصدقة بنت المختار فعقروها واقتسموا لحمها فرقى سقيها جبلا اسمه قارة فرغا ثلاثا فقال صالح لهم أدركوا الفصيل عسى أن يرفع عنكم العذاب* فلم يقدروا عليه وانفجرت الصخرة بعد رغائه فدخلها (فَقالَ) لهم صالح (تَمَتَّعُوا) أى عيشوا (فِي دارِكُمْ) * أى فى منازلكم أو فى الدنيا (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) قيل قال لهم تصبح وجوهكم غدا مصفرة وبعد غد محمرة واليوم* الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب (ذلِكَ) إشارة إلى ما يدل عليه الأمر بالتمتع ثلاثة أيام من نزول العذاب* عقيبها والمراد بما فيه من معنى البعد تفخيمه (وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) أى غير مكذوب فيه فحذف الجار للاتساع المشهور كقوله [ويوم شهدناه سليما وعامرا] أو غير مكذوب كأن الواعد قال له أفى بك فإن وفى به صدقه وإلا كذبه أو وعد غير كذب على أنه مصدر كالمجلود والمعقول.