(قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣) فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) (٧٤)
____________________________________
حالها على بيان حاله عليه الصلاة والسلام لأن مباينة حالها لما ذكر من الولادة أكثر إذ ربما يولد للشيوخ من الشواب أما العجائز داؤهن عقام ولأن البشارة متوجهة إليها صريحا ولأن العكس فى البيان ربما يوهم من أول الأمر نسبة المانع من الولادة إلى جانب إبراهيم عليه الصلاة والسلام وفيه مالا يخفى من المحذور واقتصارها الاستبعاد على ولادتها من غير تعرض لحال النافلة لأنها المستبعد وأما ولادة ولدها* فلا يتعلق بها استبعاد (إِنَّ هذا) أى ما ذكر من حصول الولد من هرمين مثلنا (لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) بالنسبة إلى سنة الله تعالى المسلوكة فيما بين عباده وهذه الجملة لتعليل الاستبعاد بطريق الاستئناف التحقيقى ومقصدها استعظام نعمة الله تعالى عليها فى ضمن الاستعجاب العادى لا استبعاد ذلك بالنسبة إلى قدرته سبحانه وتعالى (قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) أى قدرته وحكمته أو تكوينه أو شأنه أنكروا عليها تعجبها من ذلك لأنها كانت ناشئة فى بيت النبوة ومهبط الوحى والآيات ومظهر المعجزات والأمور الخارقة للعادات فكان حقها أن تتوقر ولا يزدهيها ما يزدهى سائر النساء من أمثال هذه الخوارق من ألطاف الله تعالى الخفية ولطائف صنعه الفائضة على كل أحد مما يتعلق بذلك مشيئته الأزلية لا سيما على أهل بيت النبوة الذين ليست مرتبتهم عند الله سبحانه كمراتب سائر الناس وأن تسبح الله تعالى وتحمده وتمجده وإلى ذلك* أشاروا بقوله تعالى (رَحْمَةِ اللهِ) التى وسعت كل شىء واستتبعت كل خير وإنما وضع المظهر موضع المضمر* لزيادة تشريفها (وَبَرَكاتُهُ) أى خيراته النامية المتكاثرة فى كل باب التى من جملتها هبة الأولاد وقيل الرحمة النبوة والبركات الأسباط من بنى إسرائيل لأن الأنبياء منهم وكلهم من ولد إبراهيم عليه الصلاة والسلام* (عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) نصب على المدح أو الاختصاص لأنهم أهل بيت خليل الرحمن وصرف الخطاب من صيغة الواحدة إلى جمع المذكر لتعميم حكمه لإبراهيم عليه الصلاة والسلام أيضا ليكون جوابهم لها جوابا له أيضا إن خطر بباله مثل ما خطر ببالها والجملة كلام مستأنف علل به إنكار تعجبها كأنه قيل ليس المقام مقام التعجب فإن الله تعالى على كل شىء قدير ولستم يأهل بيت النبوة والكرامة والزلفى كسائر الطوائف بل رحمته المستتبعة لكل خير الواسعة لكل شىء وبركاته أى خيراته النامية الفائضة منه بواسطة* تلك الرحمة الواسعة لازمة لكم لا تفارقكم (إِنَّهُ حَمِيدٌ) فاعل ما يستوجب الحمد (مَجِيدٌ) كثير الخير والإحسان إلى عباده والجملة لتعليل ما سبق من قوله رحمة الله وبركاته عليكم (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ) أى ما أوجس منهم من الخيفة واطمأن قلبه بعرفانهم وعرفان سبب مجيئهم والفاء لربط بعض أحوال إبراهيم عليه الصلاة والسلام ببعض غب انفصالها بما ليس بأجنبى من كل وجه بل له مدخل تام فى السباق والسياق وتأخير الفاعل عن الظرف لأنه مصب الفائدة فإن بتأخير ما حقه التقديم تبقى النفس منتظرة إلى وروده فيتمكن* فيها عند وروده إليها فضل تمكن (وَجاءَتْهُ الْبُشْرى) إن فسرت البشرى بقولهم لا تخف فسببية ذهاب