(ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) (٨١)
____________________________________
ومنه قوله تعالى (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) ويجوز أن يقال هم نجى كما يقال هم صديق لأنه بزنة المصادر من الزفير والزئير* (قالَ كَبِيرُهُمْ) فى السن وهو روبيل أو فى العقل وهو يهوذا أو رئيسهم شمعون (أَلَمْ تَعْلَمُوا) كأنهم* أجمعوا عند التناجى على الانقلاب جملة ولم يرض به فقال منكرا عليهم ألم تعلموا (أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) عهدا يوثق به وهو حلفهم بالله تعالى وكونه من الله لإذنه فيه وكون الحلف باسمه* الكريم (وَمِنْ قَبْلُ) أى ومن قبل هذا (ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ) قصرتم فى شأنه ولم تحفظوا عهد أبيكم وقد قلتم وإنا له لناصحون وإنا له لحافظون وما مزيدة أو مصدرية ومحل المصدر النصب عطفا على مفعول تعلموا أى ألم تعلموا أخذ أبيكم عليكم موثقا وتفريطكم السابق فى شأن يوسف عليهالسلام ولا ضير فى الفصل بين العاطف والمعطوف بالظرف وقد جوز النصب عطفا على اسم أن والخبر فى يوسف أو من قبل على معنى ألم تعلموا أن تفريطكم السابق وقع فى شأن يوسف عليهالسلام أو أن تفريطكم الكائن أو كائنا فى شأن يوسف عليهالسلام وقع من قبل وفيه أن مقتضى المقام إنما هو الإخبار بوقوع ذلك التفريط لا بكون تفريطهم السابق واقعا فى شأن يوسف كما هو مفاد الأول ولا بكون تفريطهم الكائن فى شأنه واقعا من قبل كما هو مفاد الثانى على أن الظرف المقطوع عن الإضافة لا يقع خبرا ولا صفة ولا صلة ولا حالا عند البعض كما تقرر فى موضعه وقيل محله الرفع على الابتداء والخبر من قبل وفيه ما فيه وقيل ما موصولة أو موصوفة ومحلها النصب عطفا على مفعول تعلموا أى ما فرطتموه بمعنى قدمتموه فى حقه* من الخيانة وأما النصب عطفا على اسم أن والرفع على الابتداء فقد عرفت حاله (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ) متفرع على ما ذكره وذكره إياهم من ميثاق أبيه وقوله (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) أى فلن أفارق أرض* مصر جاريا على قضية الميثاق (حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) فى البراح بالانصراف إليه وكأن أيمانهم كانت معقودة* على عدم الرجوع بغير إذن يعقوب عليهالسلام (أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي) بالخروج منها على وجه لا يؤدى إلى نقض الميثاق أو بخلاص أخى بسبب من الأسباب. روى أنهم كلموا العزيز فى إطلاقه فقال روبيل أيها الملك لتردن إلينا أخانا أو لأصيحن صيحة لا تبقى بمصر حامل إلا ألقت ولدها ووقفت كل شعرة فى جسده فخرجت من ثيابه وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لا يطاقون خلا أنه إذا مس من غضب واحد منهم سكن غضبه فقال يوسف لابنه قم إلى جنبه فمسه فمسه فقال روبيل من هذا إن فى هذا البلد بذرا من بذر يعقوب (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) إذا لا يحكم إلا بالحق والعدل (ارْجِعُوا) أنتم (إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) على ظاهر الحال وقرىء سرق اى نسب إلى السرقة (وَما شَهِدْنا) عليه (إِلَّا بِما عَلِمْنا) وشاهدنا أن الصواع استخرجت من وعائه (وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ) أى باطن الحال (حافِظِينَ) فما ندرى أن حقيقة الأمر كما شاهدنا أم بخلافه أو وما كنا عالمين حين أعطيناك الموثق أنه سيسرق أو أنا