(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣) يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ()٧٤)
____________________________________
بالنسبة إلى أدنى شىء من نعيم الآخرة بمثابة جناح البعوض قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء ونعما قال من قال[تالله لو كانت الدنيا بأجمعها * تبقى علينا ويأتى رزقها رغدا] * [ما كان من حق حر أن يدل بها * فكيف وهى متاع يضمحل غدا] (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ) أى المجاهرين منهم بالسيف (وَالْمُنافِقِينَ) بالحجة وإقامة الحدود (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) فى ذلك ولا تأخذك بهم رأفة. قال عطاء نسخت هذه الآية كل شىء من العفو والصفح (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) * جملة مستأنفة لبيان آجل أمرهم إثر بيان عاجله وقيل حالية (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) تذييل لما قبله والمخصوص بالذم محذوف (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) استئناف لبيان ما صدر عنهم من الجرائم الموجبة لما مر من الأمر بالجهاد والغلظة عليهم ودخول جهنم روى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أقام فى غزوة تبوك شهرين ينزل عليه القرآن ويعيب المنافقين المتخلفين فيسمعه من كان منهم معه صلىاللهعليهوسلم فقال الجلاس بن سويد منهم لئن كان ما يقول محمد حقا لإخواننا الذين خلفناهم وهم ساداتنا وأشرافنا فنحن شر من الحمير فقال عامر بن قيس الأنصارى للجلاس أجل والله إن محمدا لصادق وأنت شر من الحمار فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاستحضر فحلف بالله ما قال فرفع عامر يده فقال اللهم أنزل على عبدك ونبيك تصديق الكاذب وتكذيب الصادق فنزل وإيثار صيغة الاستقبال فى يحلفون لاستحضار الصورة أو للدلالة على تكرير الحلف وصيغة الجمع* فى قالوا مع أن القائل هو الجلاس للإيذان بأن بقيتهم برضاهم بقوله صاروا بمنزلة القائل (وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ) هى ما حكى آنفا والجملة مع ما عطف عليها اعتراض (وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ) أى وأظهروا* ما فى قلوبهم من الكفر بعد إظهارهم الإسلام (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) هو الفنك برسول الله صلىاللهعليهوسلم وذلك أنه توافق خمسة عشر منهم على أن يدفعوه صلىاللهعليهوسلم عن راحلته إذا تسنم العقبة بالليل وكان عمار بن ياسر آخذا بخطام راحلته يقودها وحذيفة بن اليمان خلفها يسوقها فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وبقعقعة السلاح فالتفت فإذا قوم متلثمون فقال إليكم إليكم يا أعداء الله فهربوا وقيل هم المنافقون هموا بقتل عامر لرده على الجلاس وقيل أرادوا أن يتوجوا عبد الله بن أبى بن سلول وإن لم يرض به رسول* الله صلىاللهعليهوسلم (وَما نَقَمُوا) أى وما أنكروا وما عابوا أو وما وجدوا ما يورث نقمتهم (إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) سبحانه وتعالى وذلك أنهم كانوا حين قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة فى غاية ما يكون من ضنك العيش لا يركبون الخيل ولا يحوزون الغنيمة فأثروا بالغنائم وقتل للجلاس مولى فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بديته اثنى عشر ألف درهم فاستغنى والاستثناء مفرغ من أعم المفاعيل أو من أعم العلل أى وما