الأخيرة بعنوانه.
وأقدم محاولة لتحديد المعنى الاصطلاحي للمبتدأ هي قول سيبويه (ت ١٨٠ ه) : «المبتدأ كل اسم ابتدئ به ليبنى عليه كلام» (١) ، أي : ليخبر عنه أو يسند إليه.
ثم عرفه ابن السراج (ت ٣١٦ ه) بقوله : «المبتدأ ما جردته من عوامل الأسماء من الأفعال والحروف ، وكان القصد فيه أن تجعله أولا لثان ... يكون ثانيه خبره» (٢) ، فأضاف قيد التجرد من العوامل التي يريدون بها نواسخ المبتدأ وهي : كان وإن وظن وأخواتها ، وما ولا.
وعرفه الفارسي (ت ٣٧٧ ه) بأنه : اسم «معرى من العوامل الظاهرة ومسند إليه شئ» (٣) ، فقيد العوامل في المبتدأ بالظاهرة ، احترازا من العامل المعنوي ، أي : الابتداء الرافع للمبتدأ.
ومما قاله الجرجاني في شرح التعريف : «إن العوامل ضربان : لفظي ومعنوي ، والثاني منحصر في شيئين : أولهما ارتفاع المضارع لوقوعه موقع الاسم ، نحو : (يضرب) في قولنا : مررت برجل يضرب ، فإنه مرفوع لوقوعه موقع (ضارب) ، وثانيهما : ارتفاع المبتدأ بتعريه من العوامل الظاهرة ، إذ ليس الوقوع موقع الاسم بلفظ ، وكذلك التعري من العوامل اللفظية» (٤).
هذا ، ولكن الذي استقر عليه الرأي أخيرا أن الرافع للفعل المضارع
__________________
(١) الكتاب ، سيبويه ٢ / ١٢٦.
(٢) الأصول في النحو ، ابن السراج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي ١ / ٦٢ ـ ٦٣.
(٣) الإيضاح العضدي ١ / ٤٣.
(٤) المقتصد في شرح الإيضاح ، عبد القاهر الجرجاني ، تحقيق كاظم بحر المرجان ١ / ٢١٣ ـ ٢١٤.