لم يتصد أحد منهم إلى جمع المأثور التفسيري عن أهل البيت عليهمالسلام ، ويصبه في كتاب واحد ليكون تفسيرا شاملا ، كما فعل بعض المفسرين المتأخرين عن عصر الشيخ الطوسي كالسيد البحراني في تفسيره البرهان مثلا.
وهناك سمة ثالثة لتلك الجهود أيضا ، وهي أنها لم تتعرض إلى علوم القرآن الكريم بالصورة التي تناولها الشيخ الطوسي في التبيان (١).
والواقع أن هذه السمات هي التي حملته على تصنيف التبيان ، وقد عبر عن ذلك في ديباجته قائلا :
«.. أما بعد ، فإن الذي حملني على الشروع في عمل هذا الكتاب ، أني لم أجد أحدا من أصحابنا ـ قديما وحديثا ـ من عمل كتابا يحتوي على تفسير جميع القرآن ، ويشتمل على فنون معانيه. وإنما سلك جماعة منهم في جمع ما رواه ونقله وانتهى إليه في الكتب المروية في الحديث ، ولم يتعرض أحد منهم لاستيفاء ذلك أو تفسير ما يحتاج إليه» (٢).
لقد أعطى الشيخ بهذا الكلام وصفا دقيقا لكتب التفسير الشيعية السابقة ، وأما كتب التفسير لدى العامة ، فقد تعرض لنقدها أيضا وبين طرائق مفسريها ، وما يرد على كل مفسر منهم ، بعد أن وزعهم على أصناف.
صنف أطال في تفسيره ، واستوعب ما قيل فيه من الفنون ، كالطبري.
وصنف آخر مقصر في تفسيره ، إذ اقتصر على ذكر غريب القرآن ومعاني ألفاظه.
__________________
(١) بعض التفاسير الشيعية السابقة ـ كـ : تفسير القمي مثلا ـ وإن تناولت شيئا من علوم القرآن إلا أنها لم تبلغ في ذلك شأو التبيان.
(٢) التبيان في تفسير القرآن ١ / ١ ، من المقدمة.