المحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، والمطلق والمقيد ، والخاص والعام ، وأسباب النزول ، ونحو ذلك من الأمور الأخر ، مع تسخيره طاقات اللغة العربية وآدابها لخدمة نقوده وردوده ، ولكل مما ذكرنا شواهد جمة في تفسيره ، ولا حاجة إلى تتبع موارد التفسير بالرأي التي نبه عليها الشيخ رضياللهعنه في هذا الموضع ، وسنكتفي بواحد منها اختصارا.
قال قدسسره : «فأما قولهم : إن معنى قوله تعالى : (كذلكم قال الله من قبل) (١) هو أنه أراد قوله تعالى : (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ..) (٢) مملوء بالغلط الفاحش في التاريخ ، لأنا قد بينا أن هذه الآية ـ التي في التوبة ـ نزلت بتبوك سنة تسع ، وآية سورة الفتح نزلت سنة ست ، فكيف تكون قبلها؟!!
وينبغي لمن تكلم في تأويل القرآن أن يرجع إلى التاريخ ، ويراعي أسباب نزول الآية على ما روي ، ولا يقول على الآراء والشهوات» (٣).
أقول :
الذي دعاهم إلى هذا القول الباطل ، إنما هو التعصب الأعمى لأجل تصحيح خلافة الشيخين ، ولو على حساب التاريخ وأسباب النزول!
وقد بين الشيخ قدسسره وجه استدلالهم بالآية المذكورة أحسن التبيين ، فراجع.
__________________
(١) سورة الفتح ٤٨ : ١٥.
(٢) سورة التوبة ٩ : ٨٣.
(٣) التبيان ٩ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦ في تفسير الآية المذكورة من سورة الفتح.