التمييز بين التفسير بالرأي والاجتهاد في التفسير :
سبق أن التفسير بالرأي ، هو ما خضع للاستحسان وما شاكله ، وأما إعمال الرأي بحسب القرائن الحالية والمقالية ، المتصلة والمنفصلة ، وإخضاعها إلى المتبادر العرفي من دلالة الألفاظ ، فهو اجتهاد واستنباط يقوم على أساس من الكتاب والسنة ، بل هو من المأثور على وجه من الوجوه (١).
وقد استدل الشيخ الطوسي قدسسره على صحة الاستنباط التفسيري من القرآن الكريم نفسه.
فقال في تفسير قوله تعالى : (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (٢) : «معناه : أفلا يتدبرون القرآن بأن يتفكروا فيه ويعتبروا به ، أم على قلوبهم قفل يمنعهم من ذلك؟! تنبيها له على أن الأمر بخلافه وليس عليها ما يمنع من التدبر والتفكر ، والتدبر في النظر في موجب الأمر وعاقبته ، وعلى هذا دعاهم إلى تدبر القرآن».
ثم قال : «وفي ذلك حجة على بطلان قول من يقول : لا يجوز تفسير شئ من ظاهر القرآن إلا بخبر وسمع ، وفيه تنبيه على بطلان قول الجهال من أصحاب الحديث : إنه ينبغي أن يروى الحديث على ما جاء وإن كان مختلا في المعنى!! لأن الله دعا إلى التدبر والتفقه ، وذلك مناف للتجاهل والتعامي» (٣).
__________________
(١) راجع ما كتبه أستاذنا الدكتور محمد حسين علي الصغير في كتابه الرائع : المبادئ العامة لتفسير القرآن العظيم : ٩٠.
(٢) سورة محمد ٤٧ : ٢٤.
(٣) التبيان ٩ / ٣٠١.