ومن هنا يتضح دور الشيخ الطوسي قدسسره في الحفاظ على نقاء التأويل والنهي عما يعكر صفاءه ، بتأكيده على ضرورة الابتعاد عن التقليد ، والرجوع إلى الأدلة الصحيحة ، وتجنب الشواهد اللغوية الشاذة النادرة ، وهذا نص كلامه :
قال رضياللهعنه : «ولا ينبغي لأحد أن ينظر في تفسير آية لا ينبئ ظاهرها عن المراد تفصيلا ، أو يقلد أحدا من المفسرين ، إلا أن يكون التأويل مجمعا عليه فيجب اتباعه لمكان الإجماع ، لأن من المفسرين من حمدت طرائقه ، ومدحت مذاهبه ، كابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد وغيرهم ، ومنهم من ذمت مذاهبه كأبي صالح ، والسدي ، والكلبي وغيرهم ، هذا في الطبقة الأولى.
وأما المتأخرون فكل واحد منهم نصر مذهبه ، وتأول على ما يطابق أصله ، ولا يجوز لأحد أن يقلد أحدا منهم ، بل ينبغي أن يرجع إلى الأدلة الصحيحة : إما العقلية ، أو الشرعية ، من إجماع عليه ، أو نقل متواتر به عمن يجب اتباع قوله ، ولا يقبل في ذلك خبر واحد ، خاصة إذا كان مما طريقه العلم.
ومتى كان التأويل يحتاج إلى شاهد من اللغة فلا يقبل من الشاهد إلا ما كان معلوما بين أهل اللغة شائعا بينهم.
وأما طريقة الآحاد من الروايات الشاردة والألفاظ النادرة ، فإنه لا يقطع بذلك ، ولا يجعل شاهدا على كتاب الله ، وينبغي أن يتوقف فيه ويذكر ما يحتمله ، ولا يقطع على المراد منه بعينه ، فإنه متى قطع بالمراد كان مخطئا وإن أصاب الحق كما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنه قال تخمينا وحدسا ، ولم يصدر ذلك عن حجة قاطعة ، وذلك باطل