ما يمكن للخصم أن يدعيه أنه لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ، فأما إذا توبع ، فإن حديثه يكون ثابتا محفوظا ، وسيأتي إن شاء الله بيان من تابعه على هذا الحديث.
وأما قول أبي زرعة ، فتليين مبهم ، ولا ينزل حديثه عن درجة الصحيح ، وتضعيف أبي داود إياه جرح غير مفسر ، فيرد عليه ولا كرامة.
بل قد دل قول الذهبي في ميزان الاعتدال (١) ـ بعد إيراده الحديث من طريقه ـ : ما أدري من وضعه؟ على عدم اعتداده بتضعيف أبي داود له ـ مع ذكره آنفا ـ إذ لو كان في ابن الرومي أدنى غمز لما تقاعد عن إلصاق الحديث به.
ثم يقال للذهبي : أليس من خبث السريرة وعمى البصيرة الطعن في هذا الحديث ، وأنت تذعن لجودة سنده ونقاوته؟!
بل ما لك تحتار فلا تدري من وضعه ، لا دريت ولا ائتليت ، وما أحق أن ينشد فيك قول أبي الطيب :
سميت بالذهبي اليوم تسمية |
|
مشتقة من ذهاب العقل لا الذهب |
ولعمر الله إن أحدا لم يضع هذا الحديث ، بل قد نطق به الصادق المصدوق صلىاللهعليهوآلهوسلم (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) (٢) بيد أن معشر الناصبة ـ قبحهم الله وأخزاهم ـ لا يطيقون صبرا على سماع هذه المنقبة الشريفة وأضرابها ، فيقدمون على ردها دفعا بالصدر (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم
__________________
«تراثنا» ، العدد ٤٩ / محرم ١٤١٨ ه ، ص ٧٦ ـ ١٢٠.
(١) ميزان الاعتدال ٣ / ٦٦٨.
(٢) سورة النجم ٥٣ : ٣ و ٤.