(وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (٧٩) وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٨١) وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (٨٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ) (٨٣)
____________________________________
(وَإِنْ كانَ) إن مخففة من إن وضمير الشأن الذى هو اسمها محذوف واللام هى الفارقة أى وإن الشأن كان (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) وهم قوم شعيب عليه الصلاة والسلام والأيكة والليكة الشجرة الملتفة المتكائفة وكان* عامة شجرهم المقل وكانوا يسكنونها فبعثه الله تعالى إليهم (لَظالِمِينَ) متجاوزين عن الحد (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) بالعذاب روى إن الله سلط عليهم الحر سبعة أيام ثم بعث سحابة فالتجئوا إليها يلتمسون الروح فبعث الله تعالى عليهم منها نارا فأحرقتهم فهو عذاب يوم الظلة (وَإِنَّهُما) يعنى سدوم والأيكة وقيل الأيكة ومدين* فإنه عليه الصلاة والسلام كان مبعوثا إليهما فدكر أحدهما منبه على الآخر (لَبِإِمامٍ مُبِينٍ) لبطريق واضح* والإمام اسم ما يؤتم به سمى به الطريق ومطمر البناء واللوح الذى يكتب فيه لأنها مما يؤتم به (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ) يعنى ثمود (الْمُرْسَلِينَ) أى صالحا فإن من كذب واحدا من الأنبياء عليهمالسلام فقد كذب* الجميع لا تفاقهم على التوحيد والأصول التى لا تخلف باختلاف الأمم والأعصار وقيل المراد صالح ومن معه من المؤمنين كما قيل الخبيبون لخبيب بن عبد الله بن الزبير وأصحابه والحجر واد بين المدينة والشام كانوا يسكنونه (وَآتَيْناهُمْ آياتِنا) وهى الآيات المنزلة على نبيهم أو المعجزات من الناقة وسقيها وشربها ودرها أو الأدلة المنصوبة لهم (فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) إعراضا كليا بل كانوا معارضين لها حيث فعلوا بالناقة ما فعلوا* (وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ) من الانهدام ونقب اللصوص وتخريب الأعداء لوثاقتها أو من العذاب لحسبانهم أن ذلك يحميهم منه. عن جابر رضى الله تعالى عنه أنه قال مررنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الحجر فقال لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذارا أن يصيبكم مثل ما أصاب هؤلاء ثم زجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم راحلته فأسرع حتى خلفها (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ) وهكذا وقع فى سورة هود قيل صاح بهم جبريل عليه الصلاة والسلام وقيل أتتهم من السماء صيحة فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شىء فى الأرض فتقطعت قلوبهم فى صدورهم وفى سورة الأعراف (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) أى الزلزلة ولعلها من روادف الصيحة المستتبعة لتموج الهواء تموجا شديدا يفضى إليها كما مر فى سورة هود.