بعد عام الفيل بعشرة أعوام. وقد ثبت دائما أن مولد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يؤرخ بعام الفيل.
أما بعد الإسلام فقد تعارف المسلمون على التأريخ قياسا إلى أحداث دينية جديدة ، كالمبعث النبوي ، وعام الحصار في شعب أبي طالب ، والهجرة إلى المدينة المنورة .. واستمر الأمر هكذا حتى أحسوا بالحاجة الماسة إلى تأريخ ثابت ومحدد يكون موضع اعتماد الجميع.
فاعتمدوا التقويم الهجري القمري بالفعل منذ سنة ١٧ للهجرة ، في حكومة عمر بن الخطاب ، وجعلوا أول محرم الحرام هو مطلع التاريخ الهجري ، وفقا لما أشار به الإمام علي عليهالسلام لاعتبارات خاصة ميزوا بها هذا الشهر (١).
ولم تظهر لفظة «التاريخ» بمعنى الكتاب الجامع للأحداث عبر السنين ، حتى النصف الأول من القرن الثاني ، في كتاب عوانة بن الحكم ، المتوفى سنة ١٤٧ ه ، والذي أسماه : كتاب التاريخ ، فهو أول كتاب في التاريخ يحمل هذا العنوان ، ثم اعتمد بعد ذلك على نحو واسع ، فكتب تحت العنوان نفسه هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، المتوفى سنة ٢٠٤ ه ، كتاب : تاريخ أخبار الخلفاء ، وكتب الهيثم بن عدي ، المتوفى سنة ٢٠٦ ه ، كتاب : التاريخ على السنين ، وكتاب : تاريخ الأشراف الكبير (٢).
كما اعتمد لفظ «التاريخ» عنوانا لكتب التراجم كما يوحي به كتاب الهيثم بن عدي تاريخ الأشراف الكبير ، واعتمده أصحاب الحديث في
__________________
(١) التنبيه والإشراف ـ للمسعودي ـ : ٢٥٢.
(٢) أنظر : التاريخ العربي والمؤرخون ـ لشاكر مصطفى ـ ١ / ٥١ ـ ٥٢ ، معجم الأدباء ٥ / ٥٩٧.