فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه (١).
ونحن في مناقشة هذا النص لا بد لنا من توضيح عدة نقاط :
الأولى : هل إن الاختلاف الواقع بين المسلمين يرجع إلى الاختلاف في الاستنباط والفهم ، أم إن الاختلاف هو في صدور المنقول والنص المروي؟
بمعنى أن الاختلاف تارة يكون في الفهم لمعنى الحديث ، وأخرى للنقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صحة وسقما.
الواقع : أن الاختلاف ـ في النص المذكور ـ يعم كليهما وإن كنا سنبين أن مراد أبي بكر هو الاختلاف في النص ..
لأن الاختلاف في فهم معنى الحديث كان أمرا واقعا في زمن أبي بكر وفي زمن غيره ، وأن الخليفة لم يكن يلزم نفسه أو يلزم الآخرين في الأخذ عمن يفترض الأخذ منه ، أي أنه كان يسمح للصحابة بالاختلاف في فهم معنى الحديث ، بل نراه يرجع الناس إلى الأخذ بالقرآن ـ والذي هو حمال ذو وجوه ـ ومعنى فعله هذا أنه لا ينهى عن الاختلاف في الفهم القرآني بل يجيزه.
وعليه : فنهي الخليفة لم يكن عن الفهم لمعنى الحديث ، بل إنه صرح في نهيه عن نقل الحديث ، بقوله : «فلا تحدثوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا» ، فهو يريد النهي عن الحديث عموما ، لمجئ النكرة بعد النهي ، وهي تفيد العموم حسبما قاله الأصوليون.
ولذلك عد كل من حصر أسباب اختلاف الفقهاء ، الاختلاف في
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٢ ـ ٣ ، حجية السنة : ٣٩٤.