إلى غير ذلك من الرؤى التي استلت من بيعة أبي بكر ، وكتابة عثمان خلافة عمر وإقرار أبي بكر لذلك ، واختراع عمر لمبدأ الشورى ..
فكان لا بد من إيجاد المخرج لتصحيح تلك البيعات ، ومن هنا ظهرت الآراء المتضاربة والمتهافتة ، وأثرت حتى اليوم على شرعية وشكلية الحكومة الإسلامية.
لكن الاستدلال بالكثرة غير صحيح عقلا ونقلا ، إذ لو صحت الكثرة دليلا لكان الكفار على حق ، لكونهم أكثر عددا من المؤمنين في صدر الإسلام ، بل في أغلب الأزمان ، حتى صرح القرآن الحكيم بعدم نفع الكثرة قبال القلة المؤمنة ، بقوله : (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) (١) ، وقوله : (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) (٢) ، وقوله : (وقليل من عبادي الشكور) (٣) ، وقوله : (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (٤).
وعليه فمعيار الكثرة والقلة لا يمكن جعله دليلا على المطلوب.
وهكذا الحال بالنسبة إلى اتفاق أهل الحل والعقد ، فهو مردود شرعا وعقلا ، ونحن نترك الجواب عن أمثال هذه رعاية للاختصار.
وعليه : فالرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم إما أن يكون ترك أمر البيعة للناس ، أو أن يكون عين من يخلفه؟!
فإن كان صلىاللهعليهوآلهوسلم قد تركهم ، فلماذا يعين أبو بكر عمر خلفا له خلافا لسنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٤٩.
(٢) سورة الأنعام ٦ : ١١٦.
(٣) سورة سبأ ٣٤ : ١٣.
(٤) سورة الأعراف ٧ : ١٨٧ ، سورة يوسف ١٢ : ٢١ ، سورة الروم ٣٠ : ٦ ، سورة سبأ ٣٤ : ٢٨ ، سورة غافر ٤٠ : ٥٧.