توهموها أو قصر مداها على المصلحة الآنية.
إن الزهراء عليهاالسلام بخطبتها أرادت التأكيد على إمامة أهل البيت وأحقية علي بن أبي طالب بالخلافة من غيره ، وذلك من خلال طرح المفاهيم والمقاييس الإسلامية الحقة في الخلافة والإمامة ، إذ أنها بعد حمد الله والثناء عليه ، وذكر أبيها محمد بالمجد والجلالة جاءت لتمدح عليا ، وتذكر الناس بمواقفه في الإسلام ، مؤكدة على أن أهل البيت هم الوسيلة في خلقه ، وخاصته ، ومحل قدسه ، وحجته في غيبه ، وورثة أنبيائه ، مذكرة إياهم بحظهم العاثر ، وانقلابهم على أعقابهم ، وإسنادهم الخلافة إلى غير أهلها ، والفتنة التي سقطوا فيها ، والدواعي التي دعتهم إلى ترك الكتاب والسنة وتخطي المبادئ الإسلامية في الاستخلاف.
فجاء في جملة كلامها : «وأنتم في رفاهية من العيش وادعون فاكهون آمنون ...» فأشارت إلى نفسياتهم ، وأنهم كانوا يرجحون مصالحهم على مصلحة الإسلام والدين ..
ومعنى كلامها عليهاالسلام أنها أرادت أن تذكر أبا بكر ـ وغيره ـ بالتجائه مرة إلى العريش ، وفراره مرة أخرى يوم أحد (١) ، وثالثة بهزيمته ـ كغيره من المسلمين ـ في غزوتي حنين وخيبر (٢) ، وتخلفه عن جيش أسامة (٣) .. ومثل هذا كان فعل عمر يوم أحد (٤) و ...
__________________
(١) أنظر : المستدرك على الصحيحين ٣ / ٢٧ ، تفسير ابن كثير ١ / ٦٥٤ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٩٣.
(٢) أنظر : تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٧ ، تاريخ الطبري ٣ / ٩٣ ـ ٩٤ ، الكامل ـ لابن الأثير ـ ٢ / ٢١٩.
(٣)
(٤) المغازي ـ للواقدي ـ ١ / ٢٣٧ ، السير والمغازي ـ لابن إسحاق ـ : ٣٣٠ و ٣٣٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٦.