أن يصير بالرجفة كثيبا مهيلا ، والآخر يقبل بفطرته أن يسير حتى يصير سرابا.
ولا بد في هذا الصنف من التغيير حتى يمهد للتسيير كما مهد للنسف في الأول بالانهيار ، إذ كل من الصنفين في حالته الدنيوية راس راسخ ، لا بد وأن تكوينه منذ البداية محكوم عليه بالنسف والتسيير ، وهذا لا يمكن أن يستعصى على القدرة المنشئة له.
والذي يتأمل آيتي المعارج والقارعة ، يرى الدليل والبرهان على صدق وصحة هذا الاستنباط (١).
قال تعالى في سورة المعارج : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) (٢). لكن آية سورة القارعة تزيد وصفا للعهن في قوله تعالى : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ ، وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) (٣) والعهن هو الصوف (٤).
قال الأستاذ الغمراوي : العهن هو الصوف المصبوغ ، فالآية الكريمة يقول إن الجبال يوم القارعة تكون كالصوف المصبوغ المنفوش ، فإن لكل من هذه الكلمات الثلاث دلالتها ، فالصوف من التماسك ما ليس في الرمل الذي يكون في الكثيب المهيل ، والذي لا شك فيه أن الجبال التي تصير
__________________
(١) السابق بتصرف.
(٢) المعارج (٧٠ / ٩).
(٣) القارعة (١٠١ / ٥).
(٤) عند قتادة ومجاهد ، وهو المختار عند الإمام الطبري في تفسيره (٢٩ / ٤٦) لكن بعضهم قيّد ذلك بالمصبوغ أو بالأحمر أو بذي الألوان ، كما أورد ذلك ابن منظور في اللسان (١٧ / ١٧٠) والقرطبي (١٨ / ٢٨٤) وما بعدها.