والقرآن يكرم العلماء العاملين وقد أناط بهم فهم آياته ومعرفة حقيقة المراد منها.
قال تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) (١).
والدارس للقرآن الكريم يأخذ وينهل منه على قدر قدرته على الاستيعاب ، ودرجة يقينه وإيمانه ، وحسب ثقافته العلمية ومعارفة العديدة ، ودقة استنباطه وعمق دربته واتساع مداركه.
قال تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (٢) وكثير من الآيات الكريمة أوردها الحق سبحانه وتعالى عن خلق الإنسان وحياته وأطواره المختلفة وقد تناولناها في تفصيل وبسط علمي دقيق في كتابنا : «الإعجاز الطبي في القرآن» (٣) وهي قضايا غاية في الأهمية جديرة بالتدبر والتأمل خليقة بالبحث والدراسة ، ومن المحتوم أن يقف عليها كل دارس وباحث ومريد التعمق في فهم كتاب الله فهما علميا نافعا كما أمر سبحانه وتعالى.
وصفوة القول ومجمل الموضوع أن نأخذ بالتفسير العلمي للقرآن على حذر شديد ، وفي حيطة بالغة واحتراس وحذق وفطنة ، فلا تحمّل الألفاظ فوق ما تطيق ، ولا يجب الصرف عن الظاهر إلا لضرورة تقتضي ذلك ، أو في حالة استحالة المعنى الظاهر.
ومن الخطر ، ومن غير المقبول أن يوصد جانب العلوم الكونية المأهول في القرآن الكريم وهو من أمتع ما فيه إذ يتسع المقام به لمخاطبة الأفهام الواعية المدركة المجربة.
وحسب العلماء تكريما أن خوطبوا في القرآن الكريم بأنهم يخشون الله بأسلوب القصر في قوله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (٤) وجاءت هذه الآية بعد قوله تعالى :
__________________
(١) العنكبوت (٢٩ / ٤٣).
(٢) التين (٩٥ / ٤).
(٣) كتاب «الإعجاز الطبي في القرآن» تأليف السيد الجميلي وقد صدرت طبعته الأولى سنة ١٩٧٧ م. والأخيرة بدار الهلال ببيروت فراجعه إن شئت.
(٤) فاطر (٣٥ / ٢٨).