القدرة واحدا في كل أنواع المخلوقات وهذ أعظم دليل وأدق برهان على وحدانية الخالق.
ولقد بيّن الله سبحانه وتعالى بهذه الآية أن العالم المادي غير الحي في السموات والأراضين قد خلق بنظام واحد ، رتق ثم فتق ، وأن العالم المادي أيضا مخلوق بسنة واحدة ، وهي أن جعل الماء سببا في خلق كل الأحياء ، لقوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) في بقية الآية وبعد هذه مباشرة (١).
قال تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ ، وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) (٢).
والرجع هو المطر ، وقد أقسم سبحانه وتعالى بالمطر الذي ينزل من السماء ويتكرر على الأرض ذات الصدع والشقوق التي تنشق بالمطر عن النبات ، أن القرآن فصل بين الحق الأبلج وبين الباطل الزاهق المرصوص ، وأن هذا التنزيل ليس فيه شائبة من مرية أو لهو أو لعب. وهنا لطيف معنى دقيق أشار إليه القرآن الكريم ألا وهو إرجاع السماء للأرض ما يصعد من البحار والمحيطات الأرضية من بخار الماء vapour water الذي تتكون منه السحب المتكاثفة التي تستحيل بعد ذلك إلى أمطار غزيرة على بقع متناثرة على سطح الكرة الأرضية.
__________________
(١) انظر «التفسير العلمي للآيات الكونية في القرآن» للأستاذ حنفي أحمد ، ص ٢٢٦ وما بعدها. ط. دار المعارف. الثالثة.
(٢) الطارق (٨٦ / ١١ ، ١٢) راجع الطبري (٣٠ / ٩٤) والقرطبي (٢٠ / ١٠) والبحر المتوسط (٨ / ٤٥٦). قال ابن عباس : الرجع هو المطر ، وعنه هو السحاب فيه المطر ، (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ)