نقص الأرض من أطرافها
إن المؤمنين قد قضى لهم بالنصر على أعدائهم لأن الله يدافع عن الذين آمنوا ، وهو ولي المؤمنين ولكن الذين كفروا وليهم الشيطان وقمين بمن كان الله سبحانه وتعالى مدافعا عنه أن ينتصر ويفلج الله حجته ، ويبير أعداءه ، ويمحق ذكرهم ويفرقهم أيدي سبأ (١) فلما انتصر المسلمون على المشركين وضيقوا الخناق عليهم ، ضاقت الأرض على الكفار بما رحبت.
قال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٢).
وقد رأى بعض العلماء المفسرين أن إنقاص الأرض من أطرافها يقصد به موت الصالحين والعلماء والعباد (٣). قيل أيضا بالفتوح على المسلمين.
وبقدر ظفر المسلمين يكون النقص في متاع الكافرين ومما في أيديهم (٤).
وإذا كان هذا ما انتهى إليه المفسرون من بيان معاني الآية الشريفة ،
__________________
(١) يقال تفرقوا أيدي سبأ : أي تفرقوا في البلاد هنا وهناك.
(٢) الرعد (١٣ / ٤١).
(٣) وهذا هو رأي ابن عباس ومجاهد كما ورد في الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي (٤ / ٦٨) وجامع البيان للطبري (١٣ / ١١٧).
(٤) وهذا هو الرأي المختار عند شيخ المفسرين الطبري في السابق.