مرج البحرين يلتقيان
لقد لوحظ أن مياه الأنهار إذا انسابت واختلطت بمياه البحار لا تمتزج بها لأن ثمة حاجزا يمنع طغيان كل منهما على الأخرى ، وقيل إنهما على رغم التماس بين سطحيهما يباعد بينهما حاجز من قدرة الله عزوجل ، قال تعالى :
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١).
ومرج البحرين أي خلّاهما ، تقول مرجت دابتي إذا خليتها ، وأمرجت الدابة إذا رعيتها (٢).
وقد ثبت أن عدم اختلاط مياه الأنهار ، ومياه البحار نعمة من نعم الحق سبحانه وتعالى حيث يحتفظ ماء النهر بعذوبته ، وكذلك يحتفظ ماء البحر بملوحته ، وأيضا فإن أحياء كل منهما لا تختلط بأحياء الآخر.
والمشاهد أن مستوى ماء النهر عادة أعلى من مستوى ماء البحر وقد لوحظ هذا عند التقاء فرعي نهر النيل عند دمياط وعند رشيد بالبحر
__________________
(١) الرحمن (٥٥ / ١٩ ، ٢٠) قال ابن كثير رحمهالله في تفسيره (٤ / ٢٧٢) ط. المكتبة التوفيقية : «المراد بقوله (الْبَحْرَيْنِ) الملح والحلو ، واختار ابن جرير الطبري هاهنا أن المراد بالبحرين بحر السماء وبحر الأرض وهو مروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعطية. راجع القرطبي (١٧ / ١٦٢) والطبري (٢٧ / ٧٧).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١٧ / ١٦٢).