مقدّمة
أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نتدبر مخلوقاته ، ونتأمل دقيق ومتقن صنعه ، فإذا كان القرآن كتاب الله المقروء ، فإن الكون هو كتاب الله المنظور.
والمسلم مأمور بأن يتدبر آيات الله الكريمة ، وأن يعمل عقله وفكره ووجدانه في فقه معانيها ، وفهم مدلولاتها حتى تطمئن جوارحه ، وتستقر خواطره إلى أن القرآن تنزيل رب العالمين حجة على العقل الإنساني وعلى أهل الأرض قاطبة من بني البشر أجمعين.
العلم حجة على أهله لأنه مناط التكليف.
ولأن العلم جعل العقل البشري لا يقبل القضية إلا إذا كانت مشفوعة بالبرهان ، ولا يرجح راجحا على مرجوح إلا بدليل ، ثم هو يستطيع التفرقة بين الأدلة من قطعي إلى ظني ، إلى متردد بين هذا وذاك وفي كل هذه الأحوال له أن يقف على ما يثق فيه ، ويطمئن إليه ، حسب مقدرته من التقييم ، ورصيده من التجريب والممارسة ، فهناك من يأخذ بالظنة ، ويقول عليها ، وهناك من يطلب الدليل القطعي الذي يعطيه واقعا لا يرقى إليه حدس أو ريبة.
ومجالات الحدس يكثر أعمالها في المبهمات التي لم يقطعها ولم يفصل فيها أمر قاطع ، والمظنون أن تخضع لترجيحات العقل والفهم.
ولا أحد ينكر أن الإيمان عن علم وبصيرة ويقين هو أرقى وأشرف درجات