وتتموج (١).
يقول الخازن : الحكمة مور السماء وسير الجبال ، الإنذار والإعلام بأن لا رجوع ولا عود إلى الدنيا ، لأن الأرض والسماء وما بينهما من الجبال والبحار وغير ذلك إنما خلقت لعمارة الدنيا وانتفاع بني آدم بذلك ، فلما لم يبق لهم عود إليها أزالها الله تعالى ، وذلك لخراب الدنيا وعمارة الآخرة (٢).
إنه منظر عنيف رهيب يشيب لهوله الولدان.
تأمل قوله تعالى : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) (٣).
يقول الطبري : صارت الجبال بعد نسفها هباء منبثا لعين الناظر ، كالسراب الذي يظنه من يراه ماء ، وهو في الحقيقة هباء (٤).
قال الألوسي : وسيّرت الجبال : أي في الجو على هيئتها بعد تفتتها ، وبعد قلعها من مقارها كما يعرب عنه قوله تعالى : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) وأدمج فيه تشبيه الجبال بحيال السحاب في تخلخل الأجزاء وانتفاشها كما ينطق به قوله تعالى : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) (٥).
ولكن ثمة آيات أربع كريمة تصور مدى الهلع والفزع يوم القيامة الذي
__________________
(١) التفسير الكبير (٢٨ / ٢٤٣).
(٢) راجع تفسير الخازن (٤ / ١٠٧) بتصرف.
(٣) النبأ (٧٨ / ٢٠).
(٤) جامع البيان للطبري (٣٠ / ٧).
(٥) روح المعاني (٣٠ / ١٣). ومعنى قوله تعالى فكانت سرابا يقول الألوسي في السابق : أي فصارت بعد تسييرها مثل سراب فترى بعد تفتتها وارتفاعها في الهواء كأنها جبال وليست بجبال بل غبار غليظ متراكم يرى من بعيد كأنه جبل كالسراب. أه. بتصرف.