من جرائه ترجف الأرض ، وتنهار الجبال ، وتندك الأعلام ، فتصبح هباء منبثا. وهذه الأحداث تكون يوم القيامة الكبرى.
قال تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) (١).
والكثيب المهيل هو الرمل السائل. قال ابن كثير في تفسيره : «أي تصير الجبال ككثبان الرمل بعد ما كانت حجارة صماء ، ثم إنها تنسف نسفا فلا يبقى منها شيء إلا ذهب حيث تصير الأرض وتصبح قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا أي واديا ، ولا أمتا أي رابية ، أي لا شيء ينخفض ، ولا شيء يرتفع ، ثم قال تعالى مخاطبا لكفار قريش والمراد سائر الناس (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ)» (٢).
يقول الزمخشري رضي الله عنه : الرجفة : الزلزلة الشديدة ، والكثيب الرمل المجتمع من كثب الشيء إذا جمعه ، كأنه فعيل بمعنى مفعول في أصله ، ومنه الكثبة من اللبن (٣).
هذه الجبال الرواسي ، والأعلام الراسخة سينسفها الله سبحانه وتعالى يوم القيامة نسفا فتتطاير في الهواء هنا وهناك فليس لها يومئذ وزن ولا ثبات ، ولا تقوم لها قائمة.
__________________
(١) المزمل (٧٣ / ١٤).
(٢) تفسير ابن كثير (٤ / ٤٣٧ ، ٤٣٨) بتصرف.
(٣) الكشاف للزمخشري (٤ / ١٧٧) ط. المعرفة. ثم يقول أيضا : قالت الضائنة : أجز جفالا واحلب كثبا عجالا ، أي كانت مثل رمل هيل هيلا ، أي نثر وأسيل والخطاب في الآية لأهل مكة. أه.