(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) (٣٤)
____________________________________
متعلقا بشىء ومتصلا به فكما يتعلق الحل به يتعلق بذلك الشىء أيضا باعتبار إزالته عنه أو ابتداء حصوله منه (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) (هارُونَ أَخِي) أى موازرا يعاوننى فى تحمل أعباء ما كلفته على أن اشتقاقه من الوزر الذى هو الثقل أو ملجأ أعتصم برأيه على أنه من الوزر وهو الملجأ وقيل أصله أزير من الأزر بمعنى القوة فعيل بمعنى فاعل كالعشير والجليس قلبت همزته واوا كقلبها فى موازر ونصبه على أنه مفعول ثان لا جعل قدم على الأول الذى هو قوله تعالى (هارُونَ) اعتناء بشأن الوزارة ولى صلة للجعل أو متعلق بمحذوف هو حال من (وَزِيراً) إذ هو صفة له فى الأصل و (مِنْ أَهْلِي) إما صفة لوزيرا أو صلة لا جعل وقيل مفعولاه (لِي وَزِيراً) و (هارُونَ) عطف بيان للوزير و (مِنْ أَهْلِي) كما مر من الوجهين وأخى فى الوجهين بدل من هرون أو عطف بيان آخر وقيل هما وزيرا من أهلى ولى تبيين كما فى قوله تعالى (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ورد بأن شرط المفعولين فى باب النواسخ صحة انعقاد الجملة الاسمية ولا مساغ لجعل وزيرا مبتدأ ويخبر عنه بما بعده (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) كلاهما على صيغة الدعاء أى أحكم به قوتى واجعله شريكى فى أمر الرسالة حتى نتعاون على أدائها كما ينبغى وفصل الأول عن الدعاء السابق لكمال الاتصال بينهما فإن شد الأزر عبارة عن جعله وزيرا وأما الإشراك فى الأمر فحيث كان من أحكام الوزارة توسط بينهما العاطف (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً) (وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) غاية للأدعية الثلاثة الأخيرة فإن فعل فيها كل واحد منهما من التسبيح والذكر مع كونه مكثرا لفعل الآخر ومضاعفا له بسبب انضمامه إليه مكثر له فى نفسه أيضا بسبب تقويته وتأييده إذ ليس المراد بالتسبيح والذكر ما يكون منهما بالقلب أو فى الخلوات حتى لا يتفاوت حاله عند التعدد والانفراد بل ما يكون منهما فى تضاعيف أداء الرسالة ودعوة المردة العتاة إلى الحق وذلك مما لا ريب فى اختلاف حاله فى حالتى التعدد والانفراد فإن كلا منهما يصدر عنه بتأييد الآخر من إظهار الحق مالا يكاد يصدر عنه مثله فى حال الانفراد وكثيرا فى الموضعين نعت لمصدر محذوف أو زمان محذوف أى ننزهك عما لا يليق بك من الصفات والأفعال التى من جملتها ما يدعيه فرعون الطاغية ويقبله منه فئته الباغية من ادعاء الشركة فى الألوهية ونصفك بما يليق بك من صفات الكمال ونعوت الجمال والجلال تنزيها