(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (١٢٩)
____________________________________
إلى المفعول أو لأنها بمعنى التبيين والمفعول محذوف وأيا ما كان فالفاعل هو الجملة بمضمونها ومعناها وضمير لهم للمشركين المعاصرين لرسول الله صلىاللهعليهوسلم والمعنى أغفلوا فلم يفعل الهداية لهم أو فلم يبين لهم مآل أمرهم كثرة أهلا كنا للقرون الأولى وقد مر فى قوله عزوجل (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها) الآية وقيل الفاعل الضمير العائد إلى الله عزوجل ويؤيده القراءة بنون العظمة وقوله تعالى (كَمْ أَهْلَكْنا) الخ إما معلق للفعل ساد مسد مفعوله أو مفسر لمفعوله المحذوف هكذا قيل والأوجه أن لا يلاحظ له مفعول كأنه قيل أفلم يفعل الله تعالى لهم الهداية ثم قيل بطريق الالتفات كم أهلكنا الخ بيانا لتلك الهداية ومن القرون فى محل النصب على أنه وصف لمميزكم أى كم قرنا كائنا من القرون وقوله تعالى (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) حال من (الْقُرُونِ) أو من مفعول (أَهْلَكْنا) أى أهلكناهم وهم فى حال أمن وتقلب فى ديارهم أو من الضمير فى لهم مؤكد للإنكار والعامل يهد والمعنى أفلم يهد لهم إهلاكنا للقرون السالفة من أصحاب الحجر وثمود وقريات قوم لوط حال كونهم ماشين فى مساكنهم إذا سافروا إلى الشام مشاهدين لآثار هلاكهم مع أن ذلك مما يوجب أن يهتدوا إلى الحق فيعتبروا لئلا يحل بهم مثل ما حل بأولئك وقرىء يمشون على البناء للمفعول أى يمكنون من المشى (إِنَّ فِي ذلِكَ) تعليل للإنكار وتقرير للهداية مع عدم اهتدائهم وذلك* إشارة إلى مضمون قوله تعالى (كَمْ أَهْلَكْنا) الخ وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد منزلته وعلو شأنه فى بابه (لَآياتٍ) كثيرة عظيمة واضحات الهداية ظاهرات الدلالة على الحق فإذن هو هاد وأيما هاد ويجوز أن تكون كلمة فى تجريدية فافهم (لِأُولِي النُّهى) لذوى العقول الناهية عن القبائح التى من أقبحها ما يتعاطاه كفار مكة من* الكفر بآيات الله تعالى والتعامى عنها وغير ذلك من فنون المعاصى وفيه دلالة على أن مضمون الجملة هو الفاعل لا المفعول وقوله تعالى (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) كلام مستأنف سيق لبيان حكمة عدم وقوع ما يشعر به قوله تعالى (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) الآية من أن يصيبهم مثل ما أصاب القرون المهلكة أى ولو لا الكلمة السابقة وهى العدة بتأخير عذاب هذه الأمة إلى الآخرة لحكمة تقتضيه ومصلحة تستدعيه (لَكانَ) عقاب جناياتهم (لِزاماً) أى لازما لهؤلاء الكفرة بحيث لا يتأخر عن جناياتهم ساعة لزوم ما نزل بأولئك العابرين وفى التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليهالسلام تلويح بأن ذلك التأخير لتشريفه عليهالسلام كما ينبىء عنه قوله تعالى (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) واللزام إما مصدر لازم وصف به مبالغة وإما فعال بمعنى مفعل جعل آلة اللزوم لفرط لزومه كما يقال لزاز خصم (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) عطف على (كَلِمَةٌ) * أى ولو لا أجل مسمى لأعمارهم أو لعذابهم وهو يوم القيامة ويوم بدر لما تأخر عذابهم أصلا وفصله عما عطف عليه للمسارعة إلى بيان جواب لو لا وللإشعار باستقلال كل منهما بنفى لزوم العذاب ومراعاة فواصل الآى الكريمة وقد جوز عطفه على المستكن فى كان العائد إلى الأخذ العاجل المفهوم من السياق تنزيلا للفصل بالخبر منزلة التأكيد أى لكان الأخذ العاجل وأجل مسمى لازمين لهم كدأب عاد وثمود