(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٢٠)
____________________________________
لانتفاء التالى لانتفاء المقدم أو لإرادة اتخاذه فيكون بيانا لانتفاء المقدم المستلزم لانتفاء التالى وقيل اللهو الولد بلغة اليمن وقيل الزوجة والمراد الرد على النصارى ولا يخفى بعده (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ) إضراب عن اتخاذ اللهو بل عن إرادته كأنه قيل لكنا لا نريده بل شأننا أن نغلب الحق الذى من جملته الجد على الياطل الذى من قبيله اللهو وتخصيص شأنه هذا من بين سائر شئونه تعالى بالذكر للتخلص إلى* ما سيأتى من الوعيد (فَيَدْمَغُهُ) أى يمحقه بالكلية كما فعلنا بأهل القرى المحكية وقد استعير لإيراد الحق على الباطل القذف الذى هو الرمى الشديد بالجرم الصلب كالصخرة ولمحقه للباطل الدمغ الذى هو كسر الشىء الرخو الأجوف وهو الدماغ بحيث يشق غشاءه المؤدى إلى زهوق الروح تصويرا له بذلك وقرىء* فيدمغه بالنصب وهو ضعيف وقرىء فيدمغه بضم الميم (فَإِذا هُوَ زاهِقٌ) أى ذاهب بالكلية وفى إذا الفجائية والجملة الاسمية من الدلالة على كمال المسارعة فى الذهاب والبطلان مالا يخفى فكأنه زاهق من* الأصل (وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) وعيد لقريش بأن لهم أيضا مثل ما لأولئك من العذاب والعقاب ومن تعليلية متعلقة بالاستقرار الذى تعلق به الخبر أو بمحذوف هو حال من الويل أو من ضميره فى الخبر وما إما مصدرية أو موصولة أو موصوفة أى واستقر لكم الويل والهلاك من أجل وصفكم له سبحانه بما لا يليق بشأنه الجليل أو بالذى تصفونه به من الولد أو كائنا مما تصفونه تعالى به (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) استئناف مقرر لما قبله من خلقه تعالى لجميع مخلوقاته على حكمة بالغة ونطام كامل وأنه تعالى يحق الحق ويزهق الباطل أى له تعالى خاصة جميع المخلوقات خلقا وملكا وتدبيرا وتصرفا وإحياء وإماتة وتعذيبا وإثابة من غير أن يكون لأحد فى ذلك دخل ما استقلالا أو استتباعا (وَمَنْ عِنْدَهُ) وهم الملائكة عليهمالسلام عبر عنهم بذلك إثر ما عبر عنهم بمن فى السموات تنزيلا لهم لكرامتهم عليه عز وعلا وزلفاهم عنده منزلة المقربين عند الملوك بطريق التمثيل وهو مبتدأ خبره (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) أى لا يتعظمون عنها ولا يعدون أنفسهم كبيرا (وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) ولا يكلون ولا يعيون وصيغة الاستفعال المنبئة عن المبالغة فى الحسور للتنبيه على أن عباداتهم بثقلها ودوامها حقيقة بأن يستحسر منها ومع ذلك لا يستحسرون لا لإفادة نفى المبالغة فى الحسور مع ثبوت أصله فى الجملة كما أن نفى الظلامية فى قوله تعالى (وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) لإفادة كثرة الظلم المفروض تعلقه بالعبيد لا لإفادة نفى المبالغة فى الظلم مع ثبوت أصل الظلم فى الجملة وقيل من عنده معطوف على من الأولى وإفرادهم بالذكر مع دخولهم فى من فى السموات والأرض للتعظيم كما فى قوله تعالى (وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) فقوله تعالى (لا يَسْتَكْبِرُونَ) حينئذ حال من الثانية (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) أى ينزهونه فى جميع الأوقات ويعظمونه ويمجدونه دائما وهو استئناف