(فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (٢٩)
____________________________________
أى كما لا أطالب بالزيادة على العشر لا أطالب بالزيادة على الثمان أو أيما الأجلين قضيت فلا إثم على يعنى كمالا إثم على فى قضاء الأكثر لا إثم على فى قضاء الأقصر فقط وقرىء أى الأجلين ما قضيت فما مزيدة لتأكيد القضاء كما أنها فى القراءة الأولى مزبدة لتأكيد إبهام أى وشياعها وقرىء أيما بسكون الياء كقول من قال[تنظرت نصرا والسماكين أيهما * على من الغيث استهلت مواطره] (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ) من الشروط الجارية بيننا (وَكِيلٌ) شاهد وحفظ فلا سبيل لأحد منا إلى الخروج عنه أصلا وليس ما حكى* عنهما عليهما الصلاة والسلام تمام ما جرى بينهما من الكلام فى إنشاء عقد النكاح وعقد الإجارة وإيقاعهما بل هو بيان لما عزما عليه واتفقا على إيفاعه حسبما يتوقف عليه مساق القصة إجمالا من غير تعرض لبيان مواجب العقدين فى تلك الشريعة تفصيلا روى أنهما لما أتما العقد قال شعيب لموسى عليهماالسلام ادخل ذلك البيت فخذ عصا من تلك العصى وكانت عنده عصى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فأخذ عصا هبط بها آدم عليه الصلاة والسلام من الجنة ولم يزل الأنبياء يتوارثونها حتى وقعت إلى شعيب عليهالسلام فمسها وكان مكفوفا فضن بها فقال خذ غيرها فما وقع فى يده إلا هى سبع مرات فعلم أن له شأنا وقيل أخذها جبريل عليهالسلام بعد موت آدم عليهالسلام فكانت معه حتى لقى بها موسى عليهالسلام ليلا وقيل أودعها شعيبا ملك فى صورة رجل فأمر بنته أن تأتيه بعصا فأتته بها فردها سبع مرات فلم يقع فى يدها غيرها فدفعها إليه ثم ندم لأنها وديعة فتبعه فاختصما فيها ورضيا أن يحكم بينها أول طالع فأتاهما الملك فقال ألقياها فمن رفعها فهى له فعالجها الشيخ فلم يطقها ورفعها موسى عليهالسلام وعن الحسن رضى الله تعالى عنه ما كانت إلا عصا من الشجر اعترضها اعتراضا وعن الكلبى رحمهالله الشجرة التى منها نودى شجرة العوسج ومنها كانت عصاه ولما أصبح قال له شعيب صلوات الله وسلامه عليهما إذا بلغت مفرق الطريق فلا تأخذ على يمينك فإن الكلأ وإن كان بها أكثر إلا أن فيها تنينا أخشاه عليك وعلى الغنم فأخذت الغنم ذات اليمين فلم يقدر على كفها ومشى على أثرها فإذا عشب وريف لم ير مثله فنام فإذا بالتنين قد أقبل فحاربته العصا حتى قتلته وعادت إلى جنب موسى عليهالسلام دامية فلما أبصرها دامية والتنين مقتولا ارتاح لذلك ولما رجع إلى شعيب عليهماالسلام مس الغنم فوجدها ملأى البطون غزيرة اللبن فأخبره موسى عليهالسلام بالشأن ففرح وعلم أن لموسى والعصا شأنا وقال له إنى وهبت لك من نتاج غنمى هذا العام كل أدرع ودعاء فأوحى إليه فى المنام أن اضرب بعصاك مستقى الغنم ففعل ثم سقى فما أخطأت واحدة إلا وضعت أدرع ودرعاء فوفى له بشرطه والفاء فى قوله تعالى (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) فصيحة أى فعقدا العقدين وباشر موسى ما التزمه فلما أتم الأجل (وَسارَ بِأَهْلِهِ) نحو مصر بإذن من شعيب عليهماالسلام روى أنه عليه الصلاة والسلام قضى أبعد الأجلين ومكث عنده بعد ذلك عشر سنين ثم عزم على العود إلى مصر فاستأذنه فى