(تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً) (٥١)
____________________________________
بعنوان النبوة بطريق الالتفات للتكرمة والإيذان بأنها المناط لثبوت الحكم فيختص به صلىاللهعليهوسلم حسب* اختصاصها به كما ينطق به قوله تعالى (خالِصَةً لَكَ) أى خلص لك إحلالها خالصة أى خلوصا فإن الفاعلة فى المصادر غير عزيز كالعافية والكاذبة أو خلص لك إحلال ما أحللنا لك من المذكورات على القيود* المذكورة خالصة ومعنى قوله تعالى (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) على الأول أن الإحلال المذكور فى المادة المعهودة غير متحقق فى حقهم وإنما المتحقق هناك الإحلال بمهر المثل وعلى الثانى أن إحلال الجميع على القيود المذكورة غير متحقق حقهم بل المتحقق فيه إحلال البعض المعدود على الوجه المعهود وقرىء خالصة بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أى ذلك خلوص لك وخصوص أو هى أى تلك المرأة أو الهبة خالصة لك لا تتجاوز* المؤمنين حيث لا تحل لهم بغير مهر ولا تصح الهبة بل يجب مهر المثل وقوله تعالى (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ) * أى على المؤمنين (فِي أَزْواجِهِمْ) أى فى حقهن اعتراض مقرر لما قبله من خلوص الإحلال المذكور لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وعدم تجاوزه للمؤمنين ببيان أنه قد فرض عليهم من شرائط العقد وحقوقه ما لم يفرض* عليه صلىاللهعليهوسلم تكرمة له وتوسعة عليه أى قد علمنا ما ينبغى أن يفرض عليهم فى حق أزواجهم (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) وعلى أى حد وأى صفة يحق أن يفرض عليهم ففرضنا ما فرضنا على ذلك الوجه وخصصناك* ببعض الخصائص (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) أى ضيق واللام متعلقة بخالصة باعتبار ما فيها من معنى ثبوت الإحلال وحصوله له صلىاللهعليهوسلم لا باعتبار اختصاصه به صلىاللهعليهوسلم لأن مدار انتفاء الحرج هو الأول لا الثانى الذى هو عبارة عن عدم ثبوته لغيره (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لما يعسر التحرز عنه (رَحِيماً) ولذلك وسع الأمر فى مواقع الحرج (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ) أى تؤخرها وتترك مضاجعتها (وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) وتضم إليك من تشاء منهن وتضاجعها أو تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء وقرىء ترجىء* بالهمزة والمعنى واحد (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ) أى طلبت (مِمَّنْ عَزَلْتَ) طلقت بالرجعية (فَلا جُناحَ عَلَيْكَ) فى شىء مما ذكر وهذه قسمة جامعة لما هو الغرض لأنه إما أن يطلق أو يمسك فإذا أمسك ضاجع أو ترك وقسم أو لم يقسم وإذا طلق فإما أن يخلى المعزولة أو يبتغيها وروى أنه أرجى منهن سودة وجويرية وصفية وميمونة وأم حبيبة فكان يقسم لهن ما شاء كما شاء وكانت مما آوى إليه عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب وأرجى خمسا وآوى أربعا وروى أنه كان يسوى بينهن مع ما أطلق له وخير إلا سودة فإنها وهبت ليلتها* لعائشة رضى الله عنهن وقالت لا تطلقنى حتى أحشر فى زمرة نسائك (ذلِكَ) أى ما ذكر من تفويض الأمر إلى مشيئتك (أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ) أى أقرب إلى قرة عيونهن ورضاهن جميعا لأنه حكم كلهن فيه سواء ثم إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلا منك وإن رجحت بعضهن علمن