(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) (٣٧)
____________________________________
وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) فإن الجعلين المذكورين نعمة من الله تعالى وأى نعمة وأما أمور أخر مقارنة لأمرهم داعية إلى الامتثال به من الترغيب والترهيب وغير ذلك (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) أى أضمر* الفريقان الندامة على ما فعلا من الضلال والإضلال وأخفاها كل منهما عن الآخر مخافة التعيير أو أظهروها فإنه من الأضداد وهو المناسب لحالهم (وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) أى فى أعناقهم والإظهار* فى موضع الإضمار للتنويه بذمهم والتنبيه على موجب أغلالهم (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أى لا يجزون إلا جزاء ما كانوا يعملون أو إلا بما كانوا يعملونه على نزع الجار (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ) من القرى (مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم مما منى به من قومه من التكذيب والكفر بما جاء به والمنافسة بكثرة الأموال والأولاد والمفاخرة بحظوظ الدنيا وزخارفها والتكبر بذلك على المؤمنين والاستهانة بهم من أجله وقولهم أى الفريقين خير مقاما وأحسن نديا بأنه لم يرسل قط إلى أهل قرية من نذير إلا قال مترفوهم مثل ما قال مترفو أهل مكة فى حقه صلىاللهعليهوسلم وكادوا به نحو ما كادوا به صلىاللهعليهوسلم وقاسوا أمور الآخرة الموهومة والمفروضة عندهم على أمور الدنيا وزعموا أنهم لو لم يكرموا على الله تعالى لما رزقهم طيبات الدنيا ولو لا أن المؤمنين هانوا عليه تعالى لما حرمهموها وعلى ذلك الرأى الركيك بنوا أحكامهم (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) إما بناء على انتفاء العذاب الأخروى رأسا أو على اعتقاد أنه تعالى أكرمهم فى الدنيا فلا يهينهم فى الآخرة على تقدير وقوعها (قُلْ) ردا عليهم وحسبما لمادة طمعهم الفارغ وتحقيقا للحق الذى عليه يدور أمر التكوين (إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ) أن يبسطه له (وَيَقْدِرُ) على من يشاء أن يقدره عليه من غير أن يكون لأحد من الفريقين داع إلى ما فعل به من البسط والقدر فربما يوسع على العاصى ويضيق على المطيع وربما يعكس الأمر وربما يوسع عليهما معا وقد يضيق عليهما وقد يوسع على شخص تارة ويضيق عليه أخرى يفعل كلا من ذلك حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة فلا يقاس على ذلك امر الثواب والعذاب اللذين مناطهما الطاعة وعدمها وقرىء ويقدر بالتشديد (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ذلك فيزعمون أن* مدار البسط هو الشرف والكرامة ومدار القدر هو الهوان ولا يدرون أن الأول كثيرا ما يكون بطريق الاستدراج والثانى بطريق الابتلاء ورفع الدرجات (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ