(ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢) يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٣)
____________________________________
إسرافيل له اثنا عشر جناحا جناح منها بالمشرق وجناح منها بالمغرب وإن العرش على كاهله وإنه ليتضاءل* الأحايين لعظمة الله عزوجل حتى يعود مثل الوصع وهو العصفور الصغير (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) استئناف مقرر لما قبله من تفاوت أحوال الملائكة فى عدد الأجنحة ومؤذن بأن ذلك من أحكام مشيئته تعالى لا لأمر راجع إلى ذواتهم ببيان حكم كلى ناطق بأنه تعالى يزيد فى أى خلق كان كل ما يشاء أن يزيده بموجب مشيئته ومقتضى حكمته من الأمور التى لا يحيط بها الوصف وما روى عن النبى صلىاللهعليهوسلم من تخصيص بعض المعانى بالذكر من الوجه الحسن والصوت الحسن والشعر الحسن فبيان لبعض المواد المعهودة بطريق التمثيل لا بطريق الحصر فيها وقوله تعالى (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تعليل بطريق التحقيق للحكم المذكور فإن شمول قدرته تعالى لجميع الأشياء مما يوجب قدرته تعالى على أن يزيد كل ما يشاؤه إيجابا بينا (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) عبر عن إرسالها بالفتح إيذانا بأنها أنفس الخزائن التى يتنافس فيها المتنافسون وأعزها منالا وتنكيرها للإشاعة والإبهام أى أى شىء يفتح الله من خزائن رحمته أية رحمة كانت من نعمة* وصحة وأمن وعلم وحكمة إلى غير ذلك مما لا يحاط به (فَلا مُمْسِكَ لَها) أى لا أحد يقدر على إمساكها (وَما يُمْسِكْ) أى أى شىء يمسك (فَلا مُرْسِلَ لَهُ) أى لا أحد يقدر على إرساله واختلاف الضميرين لما أن مرجع الأول مفسر بالرحمة ومرجع الثانى مطلق يتناولها وغيرها كائنا ما كان وفيه إشعار بأن رحمته سبقت غضبه (مِنْ بَعْدِهِ) أى من بعد إمساكه (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب على كل ما يشاء من الأمور التى من* جملتها الفتح والإمساك (الْحَكِيمُ) الذى يفعل كل ما يفعل حسبما تقتضيه الحكمة والمصلحة والجملة تذييل مقرر لما قبلها ومعرب عن كون كل من الفتح والإمساك بموجب الحكمة التى عليها يدور أمر التكوين وبعد ما بين سبحانه أنه الموجد للملك والملكوت والمتصرف فيهما بالقبض والبسط من غير أن يكون لأحد فى ذلك دخل ما بوجه من الوجوه أمر الناس قاطبة أو أهل مكة خاصة بشكر نعمه فقال (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) أى إنعامه عليكم إن جعلت النعمة مصدرا أو كائنة عليكم إن جعلت اسما أى راعوها واحفظوها بمعرفة حقها والاعتراف بها وتخصيص العبادة والطاعة بموليها ولما كانت نعم الله تعالى مع تشعب فنونها منحصرة فى نعمة الإيجاد ونعمة الإبقاء نفى أن يكون فى الوجود شىء غيره تعالى* يصدر عنه إحدى النعمتين بطريق الاستفهام الإنكارى المنادى باستحالة أن يجاب عنه بنعم فقال (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) أى هل خالق مغاير له تعالى موجود على أن خالق مبتدأ محذوف الخبر زيدت عليه كلمة من لتأكيد العموم وغير الله نعت له باعتبار محله كما أنه نعت له فى قراءة الجر باعتبار لفظه وقرىء