(إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤) يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) (١٧)
____________________________________
قدره الله تعالى لجريانهما وهو يوم القيامة كما روى عن الحسن رحمهالله وقيل جريانهما عبارة عن حركتيهما الخاصتين بهما فى فلكيهما والأجل المسمى هو منتهى دورتيهما ومدة الجريان للشمس سنة* وللقمر شهر وقد مر تفصيله فى سورة لقمان (ذلِكُمُ) إشارة إلى فاعل الأفاعيل المذكورة وما فيه من معنى البعد للإيذان بغاية العظمة وهو مبتدأ وما بعده أخبار مترادفة أى ذلكم العظيم الشأن الذى أبدع هذه الصنائع البديعة (اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ) وفيه من الدلالة على أن إبداعه تعالى لتلك البدائع مما يوجب ثبوت* تلك الأخبار له مالا يخفى ويجوز أن يكون الأخير كلاما مبتدأ فى مقابلة قوله تعالى (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) للدلالة على تفرده تعالى بالألوهية والربوبية وقرىء يدعون بالياء التحتانية والقطمير لفافة النواة وهو مثل فى القلة والحقارة (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) استئناف مقرر لمضمون ما قبله كاشف عن جلية حال ما بدعونه بأنه جماد ليس من شأنه السماع (وَلَوْ سَمِعُوا) على الفرض والتقدير (مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ) لعجزهم عن الأفعال بالمرة لا لما قيل من أنهم متبرئون منكم ومما تدعون لهم فإن ذلك مما لا يتصور منهم فى الدنيا (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) أى يجحدون بإشراككم لهم وعبادتكم إياهم* بقولهم ما كنتم إيانا تعبدون (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) أى لا يخبرك بالأمر مخبر مثل خبير أخبرك به وهو الحق سبحانه فإنه الخبير بكنه الأمور دون سائر المخبرين والمراد تحقيق ما أخبر به من حال آلهتهم ونفى ما يدعون لهم من الإلهية (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) فى أنفسكم وفيما يعن لكم من أمر مهم أو خطب ملم وتعريف الفقراء للمبالغة فى فقرهم كأنهم لكثرة افتقارهم وشدة احتياجهم هم الفقراء فحسب وأن افتقار سائر الخلائق بالنسبة إلى فقرهم بمنزلة العدم ولذلك قال تعالى (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) أى المستغنى على الإطلاق المنعم على سائر الموجودات المستوجب للحمد (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) ليسوا على صفتكم بل مستمرون على الطاعة أو بعالم آخر غير ما تعرفونه (وَما ذلِكَ) أى ما ذكر* من الإذهاب بهم والإتيان بآخرين (عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) بمتعذر ولا متعسر.