(أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (١٨) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩) وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ) (٢٢)
____________________________________
لو تفرد واحد منها لكفى فى المنع وتقديم الظرف لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه إلى حالة منافية له غاية المنافاة وكذا تكرير الهمزة فى أثنا للمبالغة والتشديد فى ذلك وكذا تحلية الجملة بأن واللام لتأكيد الإنكار لا لإنكار التأكيد كما يوهمه ظاهر النظم الكريم فإن تقديم الهمزة لاقتضائها الصدارة كما فى مثل قوله تعالى (أَفَلا تَعْقِلُونَ) على رأى الجمهور فإن المعنى عندهم تعقيب الإنكار لا إنكار التعقيب كما هو المشهور وقرىء بطرح الهمزة الأولى وبطرح الثانية فقط (أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) رفع على الابتداء وخبره محذوف عند سيبويه أى وآباؤنا الأولون أيضا مبعثون وقيل عطف على محل إن واسمها وقيل على الضمير فى مبعوثون للفصل بهمزة الإنكار الجارية مجرى حرف النفى فى قوله تعالى (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) وأيا ما كان فمرادهم زيادة الاستبعاد بناء على أنهم أقدم فبعثهم أبعد على زعمهم وقرىء أو آباؤنا (قُلْ) تبكيتا لهم (نَعَمْ) والخطاب فى قوله تعالى (وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) لهم ولآبائهم بطريق التغليب والجملة حال من فاعل ما دل عليه نعم أى كلكم مبعوثون والحال أنكم صاغرون أذلاء وقرىء نعم بكسر العين وهى لغة فيه (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) هى إما ضمير مبهم يفسره خبره أو ضمير البعثة والجملة جواب شرط مضمر أو تعليل لنهى مقدر أى إذا كان كذلك فإنما هى الخ أو لا تستصعبوه فإنما هى الخ والزجرة الصيحة من زجر الراعى غنمه إذا صاح عليها وهى النفخة الثانية (فَإِذا هُمْ) قائمون من مراقدهم أحياء (يَنْظُرُونَ) يبصرون كما كانوا أو ينتظرون ما يفعل بهم (وَقالُوا) أى المبعوثون وصيغة الماضى للدلالة على التحقق والتقرر (يا وَيْلَنا) أى هلاكنا أحضر فهذا أوان حضورك وقوله تعالى (هذا يَوْمُ الدِّينِ) تعليل لدعائهم الويل بطريق الاستئناف أى اليوم الذى نجازى فيه بأعمالنا وإنما علموا ذلك لأنهم كانوا يسمعون فى الدنيا أنهم يبعثون ويحاسبون ويجزون بأعمالهم فلما شاهدوا البعث أيقنوا بما بعده أيضا وقوله تعالى (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) كلام الملائكة جوابا لهم بطريق التوبيخ والتقريع وقيل هو أيضا من كلام بعضهم لبعض والفصل القضاء أو الفرق بين فرق الهدى والصلال وقوله تعالى (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا) خطاب من الله عزوجل للملائكة