(مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (٢٤) ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) (٢٨)
____________________________________
أو من بعضهم لبعض بحشر الظلمة من مقامهم إلى الموقف وقيل من الموقف إلى الجحيم (وَأَزْواجَهُمْ) أى أشباههم ونظراءهم من العصاة عابد الصم مع عبدته وعابد الكواكب مع عبدته كقوله تعالى (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) وقيل قرناءهم من الشياطين وقيل نساءهم اللاتى على دينهم (وَما كانُوا يَعْبُدُونَ) (مِنْ دُونِ اللهِ) من الأصنام ونحوها زيادة فى تحسيرهم وتخجيلهم قيل هو عام مخصوص بقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) الآية الكريمة وأنت خبير بأن الموصول عبارة عن المشركين خاصة جىء به لتعليل الحكم بما فى حيز صلته فلا عموم ولا تخصيص (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) أى عرفوهم طريقها ووجهوهم إليها وفيه تهكم بهم (وَقِفُوهُمْ) احبسوهم فى الموقف كأن الملائكة سارعوا إلى ما أمروا به من حشرهم إلى الجحيم فأمروا بذلك وعلل بقوله تعالى (إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) إيذانا من أول الأمر بأن ذلك ليس للعفو عنهم ولا ليستريحوا بتأخير العذاب فى الجملة بل ليسألوا لكن لا عن عقائدهم وأعمالهم كما قيل فإن ذلك قد وقع قبل الأمر بهم إلى الجحيم بل عما ينطق به قوله تعالى (ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ) بطريق التوبيخ والتقريع والتهكم أى لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم تزعمون فى فى الدنيا وتأخير هذا السؤال إلى ذلك الوقت لأنه وقت تنجز العذاب وشدة الحاجة إلى النصرة وحالة انقطاع الرجاء عنها بالكلية فالتوبيخ والتقريع حينئذ أشد وقعا وتأثيرا وقرىء لا تتناصرون ولا تناصرون بالإدغام (بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) منقادون خاضعون لظهور عجزهم وانسداد باب الحيل عليهم أو أسلم بعضهم بعضا وخذله عن عجز فكلهم مستسلم غير منتصر (وَأَقْبَلَ) حينئذ (بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) هم الأتباع والرؤساء أو الكفرة والقرناء (يَتَساءَلُونَ) يسأل بعضهم بعضا سؤال توبيخ بطريق الخصومة والجدال (قالُوا) استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية تساؤلهم كأنه قيل كيف تساءلون فقيل قالوا أى الأتباع للرؤساء أو الكل للقرناء (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا) فى الدنيا (عَنِ الْيَمِينِ) عن أقوى الوجوه وأمتنها أو عن الدين أو عن الخير كأنكم تنفعوننا نفع السانح فتبعناكم فهلكنا مستعار من يمين الإنسان الذى هو أشرف الجانبين وأقواهما وأنفعهما ولذلك سمى يمينا ويتيمن بالسانح أو عن القوة والقسر فتقسروننا على الغى وهو الأوفق للجواب أو عن الحلف حيث كانوا يحلفون أنهم على الحق.