(قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧) إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ) (٣٨)
____________________________________
(قالُوا) استئناف كما سبق أى قال الرؤساء أو القرناء (بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) أى لم نمنعكم من الإيمان بل لم نؤمنوا باختياركم وأعرضتم عنه مع تمكنكم منه وآثرتم الكفر عليه (وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) من قهر وتسلط نسلبكم به اختياركم (بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ) مختارين للطغيان مصرين عليه (فَحَقَّ عَلَيْنا) أى لزمنا وثبت علينا (قَوْلُ رَبِّنا) وهو قوله تعالى (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (إِنَّا لَذائِقُونَ) أى العذاب الذى ورد به الوعيد (فَأَغْوَيْناكُمْ) فدعوناكم إلى الغى دعوة غير ملجئة فاستجبتم لنا باختياركم واستحبابكم الغى على الرشد (إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) فلا عتب علينا فى تعرضنا لإغوائكم بتلك المرتبة من الدعوة لتكونوا أمثالنا فى الغواية (فَإِنَّهُمْ) أى الأتباع والمتبوعين (يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) حسبما كانوا مشتركين فى الغواية (إِنَّا كَذلِكَ) أى مثل ذلك الفعل البديع الذى تقتضيه الحكمة التشريعية (نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) المتناهين فى الإجرام وهم المشركون كما يعرب عنه التعليل بقوله تعالى (إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ) بطريق الدعوة والتلقين (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) عن القبول (وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) (بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) رد عليهم وتكذيب لهم ببيان أن ما جاء به من التوحيد هو الحق الذى قام به البرهان وأجمع عليه كافة الرسل عليهم الصلاة والسلام فأين الشعر والجنون من ساحته الرفيعة (إِنَّكُمْ) بما فعلتم من الإشراك وتكذيب الرسول صلىاللهعليهوسلم والاستكبار (لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ)