(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٥٧) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (١٥٨)
____________________________________
ثقة بدلالة القرائن عليه وجعله بدلا من ولد الله ضعيف وتقدير القول أى لكاذبون فى قولهم أصطفى الخ تعسف بعيد (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) بهذا الحكم الذى يقضى ببطلانه بديهة العقل (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) بحذف إحدى التاءين من تتذكرون وقرىء تذكرون من ذكر والفاء للعطف على مقدر أى ألا تلاحظون ذلك فلا تتذكرون بطلانه فإنه مركوز فى عقل كل ذكى وغبى (أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ) إضراب وانتقال من توبيخهم وتبكيتهم بما ذكر إلى تبكيتهم بتكليفهم مالا يدخل تحت الوجود أصلا أى بل ألكم حجة واضحة نزلت عليكم من السماء بأن الملائكة بناته تعالى ضرورة أن الحكم بذلك لا بدله من سند حسى أو عقلى وحيث انتفى كلاهما فلا بد من سند نقلى (فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ) الناطق بصحة دعواكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فيها وفى هذه الآيات من الأنباء عن السخط العظيم والإنكار الفظيع لأقاويلهم والاستبعاد الشديد لأباطيلهم وتسفيه أحلامهم وتركيك عقولهم وأفهامهم مع استهزاء بهم وتعجيب من جهلهم ما لا يخفى على من تأمل فيها وقوله تعالى (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) التفات إلى الغيبة للإيذان بانقطاعهم عن الجواب وسقوطهم عن درجة الخطاب واقتضاء حالهم أن يعرض عنهم وتحكى جناياتهم لآخرين والمراد بالجنة الملائكة قالوا الجنس واحد ولكن من خبث من الجن ومردوكان شرا كله فهو شيطان ومن طهر منهم ونسك وكان خيرا كله فهو ملك وإنما عبر عنهم بذلك الاسم وضعا منهم وتقصيرا بهم مع عظم شأنهم فيما بين الخلق أن يبلغوا منزلة المناسبة التى أضافوها إليهم فجعلهم هذا عبارة عن قولهم الملائكة بنات* الله وإنما أعيد ذكره تمهيدا لما يعقبه من قوله تعالى (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) أى وبالله لقد علمت الجنة التى عظموها بأن جعلوا بينها وبينه تعالى نسبا وهم الملائكة أن الكفرة لمحضرون النار معذبون بها لكذبهم وافترائهم فى قولهم ذلك والمراد به المبالغة فى التكذيب ببيان أن الذين يدعى هؤلاء لهم تلك النسبة ويعلمون أنهم أعلم منهم بحقيقة الحال يكذبونهم فى ذلك ويحكمون بأنهم معذبون لأجله حكما مؤكدا وقيل إن قوما من الزنادقة يقولون الله تعالى وإبليس إخوان فالله هو الخير الكريم وإبليس هو الشرير اللئيم وهو المراد بقوله تعالى (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) قال الإمام الرازى وهذا القول عندى أقرب الأقاويل وهو مذهب المجوس القائلين بيزدان واهرمن ويعبرون عنهما بالنور والظلمة وقال مجاهد قالت قريش