(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠) فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢) إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (١٦٣) وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) (١٦٤)
____________________________________
الملائكة بنات الله فقال أبو بكر الصديق رضى الله عنه فمن أمهاتهم تبكيتا لهم فقالوا سروات الجن وقيل معنى جعلوا بينه وبين الجنة نسبا جعلوا بينهما مناسبة حيث أشركوا به تعالى الجن فى استحقاق العبادة فعلى هذه الأقاويل يجوز أن يكون الضمير فى إنهم لمحضرون للجنة فالمعنى لقد علمت الشياطين أن الله تعالى يحضرهم النار ويعذبهم بها ولو كانوا مناسبين له تعالى أو شركاء فى استحقاق العبادة لما عذبهم والوجه هو الأول فإن قوله (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) حكاية لتنزيه الملائكة إياه تعالى عما وصفه المشركون به بعد تكذيبهم لهم فى ذلك بتقدير قول معطوف على علمت وقوله تعالى (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) شهادة منهم ببراءة المخلصين من أن يصفوه تعالى بذلك متضمنة لتبرئهم منه بحكم اندراجهم فى زمرة المخلصين على أبلغ وجه وآكده على أنه استثناء منقطع من واو يصفون كأنه قيل ولقد علمت الملائكة أن المشركين لمعذبون لقولهم ذلك وقالوا سبحان الله عما يصفونه به لكن عباد الله الذين نحن من جملتهم برءاء من ذلك الوصف وقوله تعالى (فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ) تعليل وتحقيق لبراءة المخلصين مما ذكر ببيان عجزهم عن إغوائهم وإضلالهم والالتفات إلى الخطاب لإظهار كمال الاعتناء بتحقيق مضمون الكلام وما تعبدون عبارة عن الشياطين الذين أغووهم وفيه إيذان بتبرئهم عنهم وعن عبادتهم كقولهم بل كانوا يعبدون الجن وما نافية وأنتم خطاب لهم ولمعبوديهم تغليبا وعلى متعلقة بفاتنين يقال فتن فلان على فلان امرأته أى أفسدها عليه والمعنى فانكم ومعبوديكم أيها المشركون لستم بفاتنين عليه تعالى بإفساد عباده وإضلالهم (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) منهم أى داخلها لعلمه تعالى بأنه يصير على الكفر بسوء اختياره ويصير من أهل النار لا محالة وأما المخلصون منهم فأنتم بمعزل من إفسادهم وإضلالهم فهم لا جرم برءاء من أن يفتتنوا بكم ويسلكوا مسلككم فى وصفه تعالى بما وصفتموه به وقرىء صال بضم اللام على أنه جمع محمول على معنى من قد سقط واوه لالتقاء الساكنين وقوله تعالى (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) تبيين لجلية أمرهم وتعيين لحيزهم فى موقف العبودية بعد ما ذكر من تكذيب الكفرة فيما قالوا وتنزيه الله تعالى عن ذلك