(وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) (١٧٢)
____________________________________
وتبرئة المخلصين عنه وإظهار لقصور شأنهم وقماءتهم أى وما منا إلا له مقام معلوم فى العبادة والانتهاء إلى أمر الله تعالى مقصور عليه لا يتجاوزه ولا يستطيع أن يزيل عنه خضوعا لعظمته وخشوعا لهيبته وتواضعا لجلاله كما روى فمنهم راكع لا يقيم صلبه وساجد لا يرفع رأسه قال ابن عباس رضى الله عنهما ما فى السموات موضع شبر إلا وعليه ملك يصلى أو يسبح وروى أنه صلىاللهعليهوسلم قال أطت السماء وحق لها أن تئط والذى نفسى بيده ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك واضع جبهته ساجد لله تعالى وقال السدى إلا له مقام معلوم فى القربة والمشاهدة (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) فى مواقف الطاعة ومواطن الخدمة (وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) المقدسون لله سبحانه عن كل مالا يليق بجناب كبريائه وتحلية كلامهم بفنون التأكيد لإبراز أن صدوره عنهم بكمال الرغبة والنشاط هذا هو الذى تقتضيه جزالة التنزيل وقد ذكر فى تفسير الآيات الكريمة وإعرابها وجوه أخر فتأمل والله الموفق (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ) إن هى المخففة من الثقيلة وضمير الشأن محذوف واللام هى الفارقة أى إن الشأن كانت قريش تقول (لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ) أى كتابا من كتب الأولين من التوراة والإنجيل (لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) أى لأخلصا العبادة لله تعالى ولما خالفنا كما خالفوا وهذا كقولهم لئن جاءنا نذير لنكونن أهدى من إحدى الأمم والفاء فى قوله تعالى (فَكَفَرُوا بِهِ) فصيحة كما فى قوله تعالى (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) أى فجاءهم ذكر وأى ذكر سيد الأذكار وكتاب مهيمن على سائر الكتب والأسفار فكفروا به (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) أى عاقبة كفرهم وغائلته (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) استئناف مقرر للوعيد وتصديره بالقسم لغاية الاعتناء بتحقيق مضمونه أى وبالله لقد سبق وعدنا لهم بالنصرة والغلبا هو قوله تعالى (إِنَّهُمْ