(هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ (٥١) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (٥٢) هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ) (٥٣)
____________________________________
قال [رأيت الوليد بن اليزيد مباركا] وقرىء واليسع كأن أصله ليسع فيعل من اللسع دخل عليه حرف التعريف وقيل هو على القراءتين علم أعجمى دخل عليه اللام وقيل هو يوشع (وَذَا الْكِفْلِ) هو ابن عم يسع أو بشر بن أيوب واختلف فى نبوته ولقبه فقيل فر إليه مائة نبى من بنى إسرائيل من القتل فآواهم وكفلهم وقيل كفل بعمل رجل صالح كان يصلى كل يوم مائة صلاة (وَكُلٌّ) أى وكلهم (مِنَ الْأَخْيارِ) المشهور بن بالخبرية (هذا) إشارة إلى ما تقدم من الآيات الناطقة بمحاسنهم (ذِكْرٌ) أى شرف لهم وذكر جميل يذكرون به أبدا أو نوع من الذكر الذى هو القرآن وباب منه مشتمل على أنباء الأنبياء عليهمالسلام وعن ابن عباس رضى الله عنهما هذا ذكر من مضى من الأنبياء وقوله تعالى (وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ) شروع فى بيان أجرهم الجزيل فى الآجل بعد بيان ذكرهم الجميل فى العاجل وهو باب آخر من أبواب التنزيل والمراد بالمتقين إما الجنس وهم داخلون فى الحكم دخولا أوليا وإما نفس المذكورين عبر عنهم بذلك مدحا لهم بالتقوى التى هى الغاية القاصية من الكمال (جَنَّاتِ عَدْنٍ) عطف بيان لحسن مآب عند من يجوز تخالفهما تعريفا وتنكيرا فإن عدنا معرفة لقوله تعالى (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ) أو بدل منه أو نصب على المدح وقوله تعالى (مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) حال من جنات عدن والعامل فيها ما فى للمتقين* من معنى الفعل والأبواب مرتفعة باسم المفعول والرابط بين الحال وصاحبها إما ضمير مقدر كما هو رأى البصريين أى الأبواب منها أو الألف واللام القائمة مقامه كما هو رأى الكوفيين إذ الأصل أبوابها وقرئتا مرفوعتين على الابتداء والخبر أو على أنهما خبران لمحذوف أى هى جنات عدن هى مفتحة (مُتَّكِئِينَ فِيها) حال من ضمير لهم والعامل فيها مفتحة وقوله تعالى (يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ) استئناف لبيان حالهم فيها وقيل هو أيضا حال مما ذكر أو من ضمير متكئين والاقتصار على دعاء الفاكهة للإيذان بأن مطاعمهم لمحض التفكه والتلذذ دون التغذى فإنه لتحصيل بدل المتحلل ولا تحلل ثمة (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ) أى على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم (أَتْرابٌ) لدات لهم فإن التحاب بين الأقران أرسخ أو بعضهن لبعض لا عجوز فيهن ولا صبية واشتقاقه من التراب فإنه يمسهم فى وقت واحد (هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ) أى لأجله فإن الحساب علة للوصول إلى الجزاء وقرىء بالياء ليوافق ما قبله