(إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ (٥٤) هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (٥٦) هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (٥٨) هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) (٥٩)
____________________________________
والالتفات أليق بمقام الامتنان والتكريم (إِنَّ هذا) أى ما ذكر من ألوان النعم والكرامات (لَرِزْقُنا) أعطينا كموه (ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) انقطاع أبدا (هذا) أى الأمر هذا أو هذا كما ذكر أو هذا ذكر وقوله تعالى (وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) شروع فى بيان أضداد الفريق السابق (جَهَنَّمَ) إعرابه كما سلف (يَصْلَوْنَها) أى يدخلونها حال من جهنم (فَبِئْسَ الْمِهادُ) وهو المهد والمفرش مستعار من فراش النائم والمخصوص بالذم محذوف وهو جهنم لقوله تعالى (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ) (هذا فَلْيَذُوقُوهُ) أى ليذوقوا هذا فليذوقوه كقوله تعالى (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) أو العذاب هذا فليذوقوه أو هذا مبتدأ خبره (حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) وما بينهما اعتراض وهو على الأولين خبر مبتدأ محذوف أى هو حميم والغساق ما يغسق من صديد أهل النار من غسقت العين إذا سال دمعها وقيل الحميم يحرق بحره والغساق يحرق ببرده وقيل لو قطرت منه قطرة فى المشرق لنتنت أهل المغرب ولو قطرت قطرة فى المغرب لنتنت أهل المشرق وقيل الغساق عذاب لا يعلمه إلا الله تعالى وقرىء بتخفيف السين (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ) أى ومذوق آخر أو عذاب آخر من مثل هذا المذوق أو العذاب فى الشدة والفظاعة وقرىء وأخر أى ومذوقات أخر أو أنواع عذاب أخر وتوحيد ضمير شكله بتأويل ما ذكر أو الشراب الشامل للحميم والغساق أو هو راجع إلى الغساق (أَزْواجٌ) أى أجناس وهو خبر لآخر لأنه يجوز أن يكون ضروبا أو صفة له أو للثلاثة أو مرتفع بالجار والخبر محذوف مثل لهم (هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ) حكاية ما يقال من جهة الخزنة لرؤساء الطاغين إذا دخلوا النار واقتحمها معهم فوج كانوا يتبعونهم فى الكفر والضلالة والاقتحام الدخول فى الشىء بشدة قال الراغب الاقتحام توسط شدة مخيفة وقوله تعالى (لا مَرْحَباً بِهِمْ) من إتمام كلام الخزنة بطريق الدعاء على الفوج أو صفة للفوج أو حال منه أى مقول أو مقولا فى حقهم لا مرحبا بهم أى لا أتوا مرحبا أو لا رحبت بهم الدار مرحبا (إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) تعليل من جهة الخزنة لاستحقاقهم الدعاء عليهم أو وصفهم بما ذكر وقيل لا مرحبا بهم إلى هنا كلام الرؤساء فى حق أتباعهم عند خطاب الخزنة لهم باقتحام الفوج معهم تضجرا من مقارنتهم