٣٩ ـ سورة الزمر
(مكية وآياتها خمس وسبعون آية)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) (٣)
____________________________________
(سورة الزمر مكية إلا قوله (قُلْ يا عِبادِيَ) الآية وآياتها خمس وسبعون آية)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) خبر لمبتدأ محذوف هو اسم إشارة أشير به إلى السورة تنزيلا لها منزلة الحاضر المشار إليه لكونها على شرف الذكروا لحضور كما مر مرارا وقد قيل هو ضمير عائد* إلى الذكر فى قوله تعالى (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) وقوله تعالى (مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) صلة للتنزيل أو خبر ثان أو حال من التنزيل عاملها معنى الإشارة أو من الكتاب الذى هو مفعول معنى عاملها المضاف وقيل هو خبر لتنزيل الكتاب والوجه الأول أو فى بمقتضى المقام الذى هو بيان أن السورة أو القرآن تنزيل الكتاب من الله تعالى لا بيان أن تنزيل الكتاب منه تعالى لا من غيره كما يفيده الوجه الأخير وقرىء تنزيل الكتاب بالنصب على إضمار فعل نحو اقرأ أو الزم والتعرض لوصفى العزة والحكمة للإيذان بظهور أثريهما فى الكتاب بجريان أحكامه ونفاذ أوامره ونواهيه من غير مدافع ولا مانع وبابتناء جميع ما فيه على أساس الحكم الباهرة وقوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ) شروع فى بيان شأن المنزل إليه وما يجب عليه أثر بيان شأن المنزل وكونه من عند الله تعالى والمراد بالكتاب هو القرآن وإظهاره على تقدير كونه هو المراد بالأول أيضا لتعظيمه ومزيد الاعتناء بشأنه والباء إما متعلقة بالإنزال أى بسبب الحق وإثباته وإظهاره أو بداعية الحق واقتضائه للإنزال وإما بمحذوف هو حال من نون العظمة أو من الكتاب أى أنزلناه إليك محقين فى ذلك أو أنزلناه ملتبسا بالحق والصواب أى كل ما فيه حق لا ريب فيه موجب للعمل به حتما* والفاء فى قوله تعالى (فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) لترتيب الأمر بالعبادة على إنزال الكتاب إليه عليه الصلاة والسلام بالحق أى فاعبده تعالى ممحضا له الدين من شوائب الشرك والرياء حسبما بين فى تضاعيف ما أنزل إليك وقرىء برفع الدين على أنه مبتدأ خبره الظرف المقدم عليه لتأكيد الاختصاص المستفاد من اللام والجملة استئناف وقع تعليلا للأمر بإخلاص العبادة وقوله تعالى (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ)