(أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٢)
____________________________________
* الصورة (ثُمَّ يَهِيجُ) أى يتم جفافه ويشرف على أن يثور من منابته (فَتَراهُ مُصْفَرًّا) من بعد خضرته ونضرته وقرىء مصفارا (ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً) فتاتا متكسرة كأن لم يغن بالأمس ولكون هذه الحالة من الآثار القوية علقت بجعل الله تعالى كالإخراج (إِنَّ فِي ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر تفصيلا وما فيه من معنى البعد* للإيذان ببعد منزلته فى الغرابة والدلالة على ما قصد بيانه (لَذِكْرى) لتذكيرا عظيما (لِأُولِي الْأَلْبابِ) لأصحاب العقول الخالصة عن شوائب الخلل وتنبيها لهم على حقيقة الحال يتذكرون بذلك أن حال الحياة الدنيا فى سرعة التقضى والانصرام كما يشاهدونه من حال الحطام كل عام فلا يغترون ببهجتها ولا يفتتنون بفتنتها أو يجزمون بأن من قدر على إنزال الماء من السماء وإجرائه فى ينابيع الأرض قادر على إجراء الأنهار من تحت الغرف هذا وأما ما قيل إن فى ذلك لتذكيرا وتنبيها على أنه لا بد من صانع حكيم وأنه كائن عن تقدير وتدبير لا عن تعطيل وإهمال فبمعزل من تفسير الآية الكريمة وإنما يليق ذلك بما لو ذكر ما ذكر من الآثار الجليلة والأفعال الجميلة من غير إسناد لها إلى مؤثر ما فحيث ذكرت مسندة إلى الله عزوجل تعين أن يكون متعلق التذكير والتنبيه شئونه تعالى أو شئون آثاره حسبما بين لا وجوده تعالى وقوله تعالى (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) الخ استئناف جار مجرى التعليل لما قبله من تخصيص الذكرى بأولى الألباب وشرح الصدر للإسلام عبارة عن تكميل الاستعداد له فإنه محل للقلب الذى هو منبع للروح التى تتعلق بها النفس القابلة للإسلام فانشراحه مستدع لا تساع القلب واستضاءته بنوره فإنه روى أنه صلىاللهعليهوسلم قال إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح فقيل فما علامة ذلك قال صلىاللهعليهوسلم الإنابة إلى دار الخلود والتجافى عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزوله والكلام فى الهمزة والفاء كالذى مر فى قوله تعالى (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ) وخبر من محذوف لدلالة ما بعده عليه والتقدير أكل الناس سواء فمن شرح الله صدره أى خلقه متسع الصدر مستعدا للإسلام فبقى على الفطرة الأصلية ولم يتغير بالعوارض* المكتسبة الفادحة فيها (فَهُوَ) بموجب ذلك مستقر (عَلى نُورٍ) عظيم (مِنْ رَبِّهِ) وهو اللطف الإلهى الفائض عليه عند مشاهدة الآيات التكوينية والتنزيلية والتوفيق للاهتداء بها إلى الحق كمن قسا قلبه وحرج صدره بسبب تبديل فطرة الله بسوء اختباره واستولى عليه ظلمات الغى والضلالة فأعرض عن* تلك الآيات بالكلية حتى لا يتذكر بها ولا يغتنمها (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) أى من أجل ذكره الذى حقه أن تنشرح له الصدور وتطمئن به القلوب أى إذا ذكر الله تعالى عندهم أو آياته اشمأزوا من أجله وازدادت قلوبهم قساوة كقوله تعالى (فَزادَتْهُمْ رِجْساً) وقرىء عن ذكر الله أى عن قبوله* (أُولئِكَ) البعداء الموصوفون بما ذكر من قساوة القلوب (فِي ضَلالٍ) بعد عن الحق (مُبِينٍ) ظاهر كونه ضلالا لكل أحد قيل نزلت الآية فى حمزة وعلى رضى الله عنهما وأبى لهب وولده وقيل فى عمار بن