(قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٥٠) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥١) أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢) قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٥٣)
____________________________________
أم يكفر وهو رد لما قاله وتغيير السبك للمبالغة فيه والإيذان بأن ذلك ليس من باب الإيتاء المنبىء عن الكرامة وإنما هو أمر مباين له بالكلية وتأنيث الضمير باعتبار لفظ النعمة أو باعتبار الخبر وقرىء بالتذكير (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أن الأمر كذلك وفيه دلالة على أن المراد بالإنسان هو الجنس (قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الهاء لقوله (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) لأنها كلمة أو جملة وقرىء بالتذكير والموصول ٥٠ عبارة عن قارون وقومه حيث قال إنما أوتيته على علم عندى وهم راضون به (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) من متاع الدنيا ويجمعون منه (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) جزاء سيئات أعمالهم أو أجزية ما كسبوا وتسميتها سيئات لأنها فى مقابلة سيئاتهم وجزاء سيئة سيئة مثلها (وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ) المشركين ومن للبيان أو للتبعيض أى أفرطوا فى الظلم والعتو (سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) من الكفر والمعاصى كما أصاب أولئك والسين للتأكيد وقد أصابهم أى إصابة حيث قحطوا سبع سنين وقتل صناديدهم يوم بدر (وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) أى فائتين (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا) أى أقالوا ذلك ولم يعلموا أو أغفلوا ولم يعلموا (أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ) أن يبسطه له (وَيَقْدِرُ) لمن يشاء أن يقدره له من غير أن يكون لأحد مدخل ما فى ذلك حيث حبس عنهم الرزق سبعا ثم بسطه لهم سبعا (إِنَّ فِي ذلِكَ) الذى ذكر (لَآياتٍ) دالة على أن الحوادث كافة من الله عزوجل (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) إذ هم المستدلون بها على مدلولاتها (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) أى أفرطوا فى الجناية عليها بالإسراف فى المعاصى وإضافة العباد تخصصه بالمؤمنين على ما هو عرف القرآن الكريم (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) أى لا تيأسوا من مغفرته أولا ولا تفضله* ثانيا (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) عفوا لمن يشاء ولو بعد حين بتعذيب فى الجملة وبغيره حسبما يشاء وتقييده بالتوبة خلاف الظاهر كيف لا وقوله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) ظاهر فى الإطلاق فيما عدا الشرك ومما يدل عليه التعليل بقوله تعالى (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) على* المبالغة وإفادة الحصر والوعد بالرحمة بعد المغفرة وتقديم ما يستدعى عموم المغفرة مما فى عبادى من الدلالة على الذلة والاختصاص المقتضيين للترحم وتخصيص ضرر الإسراف بأنفسهم والنهى عن القنوط مطلقا عن الرحمة فضلا عن المغفرة وإطلاقها وتعليله بأن الله يغفر الذنوب ووضع الاسم الجليل موضع