(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) (٢١)
____________________________________
فيه أو سريع مجيئا فيكون تعليلا للإنذار (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) أى القيامة سميت بها لأزوفها وهو القرب غير أن فيه إشعارا بضيق الوقت وقيل الخطة الآزفة وهى مشارفة أهل النار دخولها وقيل وقت حضور الموت* كما فى قوله تعالى (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) وقوله (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) وقوله تعالى (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ) بدل من يوم الآزفة فإنها ترتفع من أماكنها فتلتصق بحلوقهم فلا تعود فيتروحوا ولا تخرج فيستريحوا بالموت (كاظِمِينَ) على الغم حال من أصحاب القلوب على المعنى إذ الأصل قلوبهم أو من ضميرها فى الظرف وجمع السلامة باعتبار أن الكظم من أحوال العقلاء كقوله تعالى (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) أو من مفعول أنذرهم على أنها حال مقدرة أى أنذرهم مقدرا كظمهم أو مشارفين الكظم (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ) أى قريب مشفق* (وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) أى لا شفيع مشفع على معنى نفى الشفاعة والطاعة معا على طريقة قوله [على لا حب لا يهتدى بمناره] والضمائر إن عادت إلى الكفار وهو الظاهر فوضع الظالمين موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالظلم وتعليل الحكم به (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) النظرة الخائنة كالنظرة الثانية إلى غير المحرم واستراق النظر إليه أو خيانة الأعين على أنها مصدر كالعافية (وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) من الضمائر والأسرار والجملة خبر آخر مثل يلقى الروح الدلالة على أنه ما من خفى إلا وهو متعلق العلم والجزاء (وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ) لأنه المالك الحاكم على الإطلاق فلا يقضى بشىء إلا وهو حق وعدل (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ) يعبدونهم (مِنْ دُونِهِ) تعالى (لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) تهكم بهم لأن الجماد لا يقال فى حقه يقضى أولا يقضى وقرىء تدعون على الخطاب التفاتا أو على إضمار قل (إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) تقرير لعلمه تعالى بخائنة الأعين وقضائه بالحق ووعيد لهم على ما يقولون ويفعلون وتعريض بحال ما يدعون من دونه (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ) أى مآل حال من قبلهم من الأمم* المكذبة لرسلهم كعاد وثمود وأضرابهم (كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) قدرة وتمكنا من التصرفات وإنما جىء بضمير الفصل مع أن حقه التوسط بين معرفتين لمضاهاة أفعل من للمعرفة فى امتناع دخول اللام* عليه وقرىء أشد منكم بالكاف (وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) مثل القلاع الحصينة والمدائن المنينة وقيل المعنى وأكثر آثارا كقوله [متقلدا سيفا ورمحا] (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) أخذا وبيلا (وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ