(وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (٤٩) وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٥١)
____________________________________
صلىاللهعليهوسلم منهم حيث كانوا مصدقين بنزوله حسبما شاهدوا فى كتابيهما وتخصيصهم بإيتاء الكتاب للإيذان بأن من بعدهم من معاصرى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد نزع عنهم الكتاب بالنسخ فلم يؤتوه والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها فإن إيمانهم به مترتب على إنزاله على الوجه المذكور (وَمِنْ هؤُلاءِ) أى ومن العرب أو أهل* مكة على الأول أو ممن فى عصره صلىاللهعليهوسلم على الثانى (مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) أى بالقرآن (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) عبر عن الكتاب بالآيات للتنبيه على ظهور دلالتها على معانيها وعلى كونها من عند الله تعالى وأضيفت إلى نون العظمة لمزيد تفخيمها وغاية تشنيع من يجحد بها (إِلَّا الْكافِرُونَ) المتوغلون فى الكفر المصممون عليه فإن ذلك يصدهم عن التأمل فيما يؤديهم إلى معرفة حقيتها وقيل هم كعب بن الأشرف وأصحابه (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ) أى ما كنت قبل إنزالنا إليك الكتاب تقدر على أن تتلو شيئا من كتاب (وَلا تَخُطُّهُ) أى ولا تقدر على أن تخطه (بِيَمِينِكَ) حسبما هو المعتاد أو ما كانت عادتك أن تتلوه ولا أن تخطه (إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) أى لو كنت ممن يقدر على التلاوة والخط أو ممن يعتادهما لارتابوا وقالوا لعله التقطه من كتب الأوائل وحيث لم تكن كذلك لم يبق فى شأنك منشأ ريب أصلا وتسميتهم مبطلين فى ارتيابهم على التقدير المفروض لكونهم مبطلين فى اتباعهم للاحتمال المذكور مع ظهور نزاهته صلىاللهعليهوسلم عن ذلك (بَلْ هُوَ) أى القرآن (آياتٌ بَيِّناتٌ) واضحات ثابتة راسخة (فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) من غير أن يلتقط من كتاب يحفظونه بحيث لا يقدر أحد على تحريفه (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) مع كونها كما ذكر (إِلَّا الظَّالِمُونَ) المتجاوزون للحدود فى الشر والمكابرة والفساد (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ) مثل ناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى عليهمالسلام وقرىء آية (قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) ينزلها حسبما يشاء من غير دخل لأحد فى ذلك قطعا (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) ليس من شأنى إلا الإنذار بما أوتيت من الآيات (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ) كلام مستأنف وارد من جهته تعالى ردا على اقتراحهم وبيانا لبطلانه والهمزة للإنكار والنفى والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام أى أقصر ولم يكفهم آية مغنية عن سائر الآيات (أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) الناطق بالحق المصدق لما بين يديه من الكتب السماوية وأنت بمعزل عن مدارستها وممارستها (يُتْلى عَلَيْهِمْ) فى كل زمان ومكان فلا يزال معهم آية ثابتة لا تزول ولا تضمحل كما تزول كل آية بعد كونها وتكون فى مكان دون مكان أو يتلى على اليهود بتحقيق ما فى أيديهم من نعتك ونعت دينك (إِنَّ فِي ذلِكَ) الكتاب العظيم