(قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٥٢) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٣) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٥٤)
____________________________________
الشأن الباقى على مر الدهور (لَرَحْمَةً) أى نعمة عظيمة (وَذِكْرى) أى تذكرة (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أى لقوم همهم الإيمان لا التعنت كأولئك المقترحين وقيل إن ناسا من المؤمنين أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بكتف فيها بعض ما يقوله له اليهود فقال كفى بها ضلالة قوم أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به غير نبيهم فنزلت (قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) بما صدر عنى وعنكم (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى من الأمور التى من جملتها شأنى وشأنكم فهو تقرير لما قبله من كفايته تعالى شهيدا (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ) وهو* ما يعبد من دون الله تعالى (وَكَفَرُوا بِاللهِ) مع تعاضد موجبات الإيمان به (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) المغبونون فى صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان بأن ضيعوا الفطرة الأصلية والأدلة السمعية الموجبة للإيمان والآية من قبيل المجادلة بالتى هى أحسن حيث لم يصرح بنسبة الإيمان بالباطل والكفر بالله والخسران إليهم بل ذكر على منهاج الإبهام كما فى قوله تعالى (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) على طريقة الاستهزاء بقولهم متى هذا الوعد وقولهم أمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب ونحو ذلك (وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى) قد ضربه الله تعالى لعذابهم وبينه فى اللوح (لَجاءَهُمُ الْعَذابُ) المعين لهم حسبما استعجلوا به قيل المراد بالأجل يوم القيامة لما روى أنه تعالى وعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن لا يعذب قومه بعذاب الاستئصال وأن يؤخر عذابهم إلى يوم القيامة وقيل يوم بدر وقيل وقت فنائهم بآجالهم وفيه بعد ظاهر لما أنهم ما كانوا يوعدون بفنائهم الطبيعى ولا كانوا يستعجلون به (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ) جملة مستأنفة مبينة لما أشير إليه فى الجملة السابقة من مجىء العذاب عند محل الأجل أى وبالله ليأتينهم العذاب* الذى عين لهم عند حلول الأجل (بَغْتَةً) أى فجأة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أى بإتيانه ولعل المراد بإتيانه كذلك أنه لا يأتيهم بطريق التعجيل عند استعجالهم والإجابة إلى مسئولهم فإن ذلك إتيان برأيهم وشعورهم لا أنه يأتيهم وهم غارون آمنون لا يخطرونه بالبال كدأب بعض العقوبات النازلة على بعض الأمم بياتا وهم نائمون أو ضحى وهم يلعبون لما أن إتيان عذاب الآخرة وعذاب يوم بدر ليس من هذا القبيل (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) استئناف مسوق لغاية تجهيلهم وركاكة رأيهم وفيه دلالة على أن ما استعجلوه عذاب الآخرة أى يستعجلونك بالعذاب والحال أن محل العذاب الذى لا عذاب فوقه محيط بهم كأنه قيل يستعجلونك بالعذاب وإن العذاب لمحيط بهم أى سيحيط بهم وإنما