(وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١١) وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) (١٢)
____________________________________
أَنْ يَنْفَعَنا) فإن فيه مخايل اليمن ودلائل النجابة وذلك لما رأت فيه من العلامات المذكورة (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) أى نتبناه فإنه خليق بذلك (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) حال من آل فرعون والتقدير فالتقطه آل فرعون ليكون لهم* عدوا وحزنا وقالت امرأته كيت وكيت وهم لا يشعرون بأنهم على خطأ عظيم فيما صنعوا من الالتقاط ورجاء النفع منه والتبنى له وقوله تعالى (إِنَّ فِرْعَوْنَ) الآية اعتراض وقع بين المعطوفين لتأكيد خطئهم وقيل حال من أحد ضميرى نتخذه على أن الضمير للناس أى وهم لا يعلمون أنه لغيرنا وقد تبنيناه (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً) صفرا من العقل لما دهمها من الخوف والحيرة حين سمعت بوقوعه فى يد فرعون لقوله تعالى (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) أى خلاء لا عقول فيها ويعضده أنه قرىء فرغا من قولهم دماؤهم بينهم فرغ أى هدر وقيل فارغا من الهم والحزن لغاية وثوقها بوعد الله تعالى أو لسماعها أن فرعون عطف عليه وتبناه وقرىء مؤسى بالهمز إجراء للضمة فى جارة الواو مجرى ضمتها فهمزت كما فى وجوه (إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) أى إنها كادت لتظهر بموسى أى بأمره وقصته من فرط الحيرة والدهشة أو الفرح بتبنيه (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها) بالصبر والثبات (لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أى المصدقين بوعد الله تعالى أو من الواثقين بحفظه لا بتبنى فرعون وتعطفه وهو علة الربط وجواب لو لا محذوف لدلالة ما قبله عليه (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ) مريم والتعبير عنها بأخوته عليه الصلاة والسلام دون أن يقال لبنتها للتصريح بمدار المحبة الموجبة للامتثال بالأمر (قُصِّيهِ) أى اتبعى أثره وتتبعى خبره (فَبَصُرَتْ بِهِ) أى أبصرته (عَنْ جُنُبٍ) عن بعد وقرىء بسكون النون وعن جانب والكل بمعنى (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أنها تقصه وتتعرف حاله أو أنها أخته (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ) أى منعناه أن يرتضع من المرضعات والمراضع جمع مرضع وهى المرأة التى ترضع أو مرضع وهو الرضاع أو موضعه أعنى الثدى (مِنْ قَبْلُ) أى من قبل قصها أثره (فَقالَتْ) عند رؤيتها لعدم قبوله الثدى واعتناء فرعون بأمره وطلبهم من يقبل ثديها (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ) أى لأجلكم (وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) لا يقصرون فى إرضاعه وتربيته روى أن هامان لما سمعه منها قال إنها* لتعرفه وأهله فخذوها حتى تخبر بحاله فقالت إنما أردت وهم للملك ناصحون فأمرها فرعون بأن تأتى بمن يكفله فأتت بأمه وموسى على يد فرعون يبكى وهو يعلله فدفعه إليها فلما وجد ريحها استأنس والتقم ثديها فقال من انت منه فقد أبى كل ثدى إلا ثديك فقالت إنى امرأة طيبة الريح طيبة اللبن لا اوتى بصبى إلا قبلنى