(وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥) وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٣٧)
____________________________________
اختلاف أهوائهم وفائدة الإبدال التحذير عن الانتماء إلى حزب من أحزاب المشركين ببيان أن الكل على الضلال المبين وقرىء فارقوا أى تركوا دينهم الذى أمروا به (وَكانُوا شِيَعاً) أى فرقا تشايع كل* منها إمامها الذى أضلها (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ) من الدين المعوج المؤسس على الرأى الزائغ والزعم الباطل (فَرِحُونَ) مسرورون ظنا منهم أنه حق وأنى له ذلك فالجملة اعتراض مقرر لمضمون ما قبله من تفريق* دينهم وكونهم شيعا وقد جوز أن يكون فرحون صفة لكل على أن الخبر هو الظرف المقدم أعنى من الذين فرقوا ولا يخفى بعده (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ) أى شدة (دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) راجعين إليه من دعاء غيره (ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً) خلاصا من تلك الشدة (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ) الذى كانوا دعوه منيبين إليه (يُشْرِكُونَ) أى فاجأ فريق منهم الإشراك وتخصيص هذا الفعل ببعضهم لما أن بعضهم ليسوا* كذلك كما فى قوله تعالى (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) أى مقيم على الطريق القصد أو متوسط فى الكفر لانزجاره فى الجملة (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) اللام فيه للعاقبة وقيل للأمر التهديدى كقوله تعالى (فَتَمَتَّعُوا) غير أنه التفت فيه للمبالغة وقرىء وليتمتعوا (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) عاقبة تمتعكم وقرىء بالياء على أن تمتعوا ماض والالتفات إلى الغيبة فى قوله تعالى (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ) للإيذان بالإعراض عنهم وتعديد جناياتهم لغيرهم بطريق المباثة (سُلْطاناً) أى حجة واضحة وقيل ذا سلطان أى ملكا معه برهان (فَهُوَ يَتَكَلَّمُ) تكلم دلالة كما فى قوله تعالى (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ) أو تكلم نطق (بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) باشراكهم به تعالى أو بالأمر الذى بسببه يشركون (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً) أى نعمة من صحة وسعة (فَرِحُوا بِها) بطرا وأشرا لا حمدا وشكرا (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) شدة (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) بشؤم معاصيهم (إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) فاجئوا القنوط من رحمته تعالى وقرىء بكسر النون (أَوَلَمْ يَرَوْا) أى ألم ينظروا ولم يشاهدوا (أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) فما لهم لم يشكروا ولم يحتسبوا فى السراء والضراء كالمؤمنين (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فيستدلون