كتاب التحرير : إن الرسول مأمور (بالاجتهاد مطلقا) في الأحكام الشرعية والحروب والأمور الدينية من غير تقييد بشئ منها (١).
وقال ابن تيمية في غير ما يتعلق بالتبليغ : إن الأنبياء كانوا دائما يبادرون بالتوبة والاستغفار عند الهفوة ، والقرآن شاهد عدل ، فهو لم يذكر شيئا من ذلك عن نبي من الأنبياء إلا مقرونا بالتوبة والاستغفار (٢).
وقال الغزالي في المستصفى : «المختار جواز تعبده بذلك ، لأنه ليس بمحال في ذاته ، ولا يفضي إلى محال ومفسدة.
فإن قيل : المانع منه أنه قادر على استكشاف الحكم بالوحي الصريح ، فكيف يرجم بالظن؟!
قلنا : فإذا استكشف فقيل له : حكمنا عليك أن تجتهد وأنت متعبد به ، فهل له أن ينازع الله فيه ، أو يلزمه أن يعتقد أن صلاحه في ما تعبد به؟!
فإن قيل : قوله نص قاطع يضاد الظن ، والظن يتطرق إليه احتمال الخطأ ، فهما متضادان.
قلنا : إذا قيل له : ظنك علامة الحكم ، فهو يستيقن الظن والحكم جميعا فلا يحتمل الخطأ ، وكذلك اجتهاد غيره عندنا ، ويكون كظنه صدق الشهود ، فإنه يكون مصيبا وإن كان الشاهد مزورا في الباطن.
فإن قيل : فإن ساواه غيره في كونه مصيبا بكل حال فليجز لغيره أن يخالف قياسه باجتهاد نفسه!
قلنا : لو تعبد بذلك لجاز ، ولكن دل الدليل من الإجماع على تحريم
__________________
(١) راجع تيسير التحرير ـ شرح محمد أمين الحنفي على كتاب التحرير ـ ٤ / ١٨٥.
(٢) أنظر : منهاج السنة ٢ / ٣٩٦ ـ ٤٠٣.