وعلّق الرضيّ علىٰ حدّ ابن الحاجب بأنّه : « لا يطّرد ما قاله في نحو : جاءَني زيدٌ بل عمروٌ ؛ فإنّ المقصود هو الثاني دون الأوّل [ فيدخل في حدّ البدل ] مع أنّه عطف نسق » (١) .
وأمّا ابن عصفور ( ت ٦٦٩ هـ ) فقد حدّ البدل بأنّه : « إعلامُ السامع بمجموع اسمين أو فعلين علىٰ جهة تبيين الأوّل أو تأكيده ، وعلىٰ أن ينوىٰ بالأوّل منهما الطرح معنىً لا لفظاً » (٢) .
وممّا ذكره في شرحه : « ومثال ذلك : قام زيدٌ أخوك ، ألا ترىٰ أنّ السامع أعلمته بمجموع [ الاسمين ] : زيد وأخيك ، وقولنا : ( أو فعلين ) مثال ذلك قولك الشاعر :
متىٰ تأتِنا تُلْمِمْ بنا في ديارنا |
|
تجدْ حطباً جزلاً وناراً تأجّجا |
ألا ترىٰ أنّ السامع أعلمته الشرط بمجموع ( تأتِنا وتُلْمم ) .
وقولنا : ( علىٰ جهة البيان ) تحرّز من العطف ، ألا ترىٰ أنّك إذا قلت : قامَ زيدٌ وعمروٌ ، أعلمته بالقيام بمجموع زيد وعمروٍ ، إلّا أنّ الثاني وهو عمروٌ ، ليس فيه بيان لزيد كما في قولكَ : قام زيدٌ أخوك . . . وقولنا : ( علىٰ أن ينویٰ بالأوّل منهما الطرح ) تحرّز من النعتِ والتأكيد ؛ ألا ترىٰ أنّك إذا قلتَ : قام زيدٌ العاقل ، أو قامَ زيدٌ نفسه ، فقد أعلمت السامع بمجموع زيدٍ والعاقل ، وكذلك أعلمته بزيدٍ ونفسه علىٰ جهة تبيين الأوّل وهو زيد بالثاني وهو نفسه ، لكنّه لم ينوَ بزيد في النعت والتأكيد الطرح كما نويته في البدل . . . وقولنا : ( من جهة المعنىٰ لا من جهة اللفظ ) ؛ لأنّه لو نوي بالأوّل الطرح لفظاً ، ولم يعتدّ به أصلاً لَما جاز مثلُ : ضربت زيداً يده ؛ إذ لو لم
__________________
(١) شرح الرضيّ علىٰ الكافية ٢ / ٣٧٩ .
(٢) المقرّب ، ابن عصفور ، تحقيق فخر صالح قدارة : ٣٢١ .