فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك » (١) .
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا فرطكم علىٰ الحوض ، من ورده شرب منه ، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً ، ليردنّ علَيَّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثمّ يحال بيني وبينهم ، أقول : إنّهم منّي ، فيقال : إنّك لا تدري ما بدّلوا بعدك ، فأقول : سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي » (٢) .
قال ابن حجر في فتح الباري : إنّ كانوا ممّن لم يرتدّ لكن أحدث معصية كبيرة من أعمال البدن أو بدعة من اعتقاد القلب ؛ فقد أجاب بعضهم بأنّه يحتمل أن يكون أعرض عنهم ولم يشفع لهم اتّباعاً لأمر الله فيهم حتّىٰ يعاقبهم علىٰ جنايتهم ، ولا مانع من دخولهم في عموم شفاعته لأهل الكبائر من أُمّته فيخرجون عند إخراج الموحّدين من النار ، والله أعلم (٣) .
وقد تواصل هذا الاهتراء في نظام الحكم إلىٰ أن وصل إلىٰ الحالة التي أشرنا إليها في عهد عثمان ، فقد أعطىٰ عبد الله بن سعد بن أبي سرح ـ أخاه من الرضاعة ـ الخمس من غنائم إفريقية في غزوها الأوّل (٤) .
قال البلاذري في الأنساب : لمّا قدم الوليد ـ ابن عقبة بن أبي معيط ابن أبي عمرو بن أُميّة ، الذي نزلت فيه آية : ( إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ) (٥) ـ الكوفة ألفیٰ ابن مسعود علىٰ بيت المال ، فاستقرضه مالاً ، وقد كانت الولاة تفعل ذلك ثمّ تردّ ما تأخذ ، فأقرضه عبد الله ما سأله ، ثمّ إنّه اقتضاه إيّاه ،
__________________
(١) صحيح البخاري ٩ / ٨٣ ح ٢ كتاب الفتن ب ١ .
(٢) صحيح البخاري ٩ / ٨٣ ح ٣ كتاب الفتن ب ١ .
(٣) فتح الباري ١٣ / ٥ ذ ح ٧٠٥٠ و ٧٠٥١ .
(٤) تاريخ ابن كثير ٧ / ١٥٢ ، أنساب الأشراف ٥ / ٢٦ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ / ٦٧ .
(٥) سورة الحجرات ٤٩ : ٦ .